مبارك وساط .. سلاما
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 18 سبتمبر 2010 الساعة: 01:45 ص
بقلم : عبد الجبار
الغراز
لقد اختزل الحوار *
الذي أجراه الأستاذ " نبيل منصر "
مع الشاعر وساط مبارك تحت عنوان " وساط مبارك : في الذات التي تكتب يوجد الآخرون "
المنشور بجريدة " المساء المغربية " تحت عدد 906 بتاريخ 19/ 08/
2009 ,
هذا الشاعر الفذ , في
بعد إنساني واحد و قدمه فقط كمبدع
ساهم في تأثيث المشهد الأدبي و الشعري ببلادنا منذ
السبعينيات من القرن المنصرم إلى الآن , كغيره من الشعراء و الأدباء المغاربة الذين كان يسكنهم هاجس الإبداع مع
القدرة والسيطرة على اللغة و الموضوع و اقتناص المدهش … و لم يستوفه حقه في النظر
إليه من زوايا و أبعاد أخرى , لربما اعتبرت أساسية في
صقل الذات الأديبة والشاعرة للأستاذ مبارك وساط . فالناس الذين يعرفون هذا الرجل عن
قرب , يعرفونه على أنه أستاذ مارس تدريس
الأدب بالإعدادي كما مارس تدريس مادة الفلسفة بالثانوي , أواخر
سبعينيات القرن العشرين , وقد ساهم , بشكل كبير , في
تربية أجيال من النشء على تذوق الأدب العربي و العالمي في أبعادهما الجمالية و
الاجتماعية و الأخلاقية , و أيضا على التفكير
العقلاني و المنطقي السليم , و البناء النقدي للذات , من خلال
الدروس الفلسفية الشيقة التي كان يلقيها بأسلوب سلس
مبتعدا عن النظرة التبسيطية المبتذلة للأفكار الفلسفية .. فقد أنارت هذه الدروس ,
بالفعل , الطريق لعقول كادت تسقط في متاهات هذا
الوجود التي لا حصر لها والتي كان يخيم عليها القلق و الإحساس
بالاغتراب و الضياع , خصوصا وأن فترة السبعينيات قد عرفت
جوا من الغليان الفكري و السياسي , لعبت فيه المدرسة المغربية دورها التربوي و التنويري الطلائعي الذي
تفتقر إليه الآن .. لقد كان أساتذة الفلسفة و التاريخ و الأدب سراجا منيرا يضيء كل الدروب
المظلمة .
ومن هذا المنبر
الشريف , أسطر بمداد الفخر و الاعتزاز , أني كنت من بين التلاميذ
الذي تتلمذوا على يد هذا النابغة , و تعلموا أبجدية التفكير
الفلسفي , أواخر سبعينيات القرن المنصرم بثانوية كشكاط بالمدينة المناضلة , مدينة
اليوسفية .. لقد كان نعم الأستاذ و نعم الأخ و نعم الصديق .. لقد كنا نراه, نحن
التلاميذ, بقلوبنا, نهرا يتدفق حكمة و معرفة.. فعلى يديه تعرفنا على أشعار " غوته
" و أشعار "بابلو نيرودا " و " أمل دنقل " " ودرويش " و " السياب " و "صلاح عبد
الصبور " .. وعلى يديه تذوقنا حلاوة قراءة و
مطالعة نصوص الروايات العربية و العالمية ..أمثال : مائة عام من العزلة .. صيادون في شارع ضيق .. الأشجار و اغتيال مرزوق
..أولادحارتنا .. و القائمة طويلة وطويلة جدا .. لقد كان يغدق علينا مما جادت
مكتبته العامرة من أمهات الكتب الأدبية و الفلسفية بدون
مقابل سوى التوقيع على ميثاق الشرف الذي يحثنا
على متابعة الدرس و التحصيل و محاولة أيجاد موطئ قدم صلبة ,
لأنفسنا , في هذا العالم المليء بالمفارقات و المتناقضات .. لقد كان الأستاذ مبارك
وساط,يتمتع برحابة صدر قل نظيرها في أيامنا الحالية
هذه, بحيث كان صدره يتسع لتساؤلاتنا العفوية. فقد كان يحتضن شغفنا و حبنا
للمعرفة أيما احتضان. و كان دومايستقبل إجاباتنا العفوية و السطحية , في أحيان
كثيرة , على بعض تساؤلاته النابعة من صميم الدرس
الفلسفي بابتسامته التي لا تفارق محياه . فبتواضع العارف , المتملك لمجريات
درسه المعرفية و المنهجية , كان يشرح لنا الدرس الفلسفي السقراطي :" أيهاالإنسان
اعرف نفسك بنفسك " و كان يجعلنا في مسافة , ليست ببعيدة و لا قريبة
من إشكالاتنا
الفكرية و التراثية التي تقض مضاجعنا .. أذكر أن أول كتاب فلسفي
قرأته , كان قد قدمه لي الأستاذ الجليل مبارك وساط و كلفني بعرض أهم خطوطه
العريضة أمام زملائي التلاميذ, هو كتاب " الوعي و التاريخ "
لجورج لوكاتش . و كانت فرنسيتي , آنذاك , لا تحتمل هذا الزخم الفلسفي و هذه اللجة الفكرية المنبعثة من
فيلسوف أصيل مثل الفيلسوف لوكاتش .. قرأت الصفحات الأولى منه
ولم أستطع , آنئذ, أن أفك حرفاواحدا من خطابه الفكري .. فأرجعت الكتاب لصاحبه قبل
انصرام الأجل.. نظر الأستاذ إلىتلميذه نظرة مشمولة بالعطف الأبوي . فهدأ من روعه ,
و ربت على كتفيه وقال له قولا مصحوبا بابتسامة و هدوء العارفين بقي محفورا في
ذاكرته إلى أبد الآبدين : " لا تكترث لهذا الأمر ستتمكن من الانتصار عليه .. إني
أرى ذلك من خلال عينيك غيرا لمستسلمتين لليأس.. " فكانت تلك الكلمات بردا و سلاما
على نفسي المضطربة الخائفة التي تحاول أن تتحاشى نظرات السخرية و الشماتة التي بدأت
تطبع عيون التلاميذ..
لم أستطع, وقتها,
قراءة ذلك الكتاب.. لكن كان أهم شيء استنفدته منه هو أن أعيد
مراجعة أسسي المعرفية و أبدأ من الصفر.. و استطعت بعدها أن أقرأ الكتاب لما التحقت
بشعبة الفلسفة بكلية الآداب جامعة محمد الخامس بالرباط , و أدرس
المذهب الفلسفي اللوكاتشي و غيره من المشاريع الفلسفية
الأخرى التي ندين لها بالشيء الكثير في تغيير نظرتنا للوجود و
للعالم ..
أستاذ وساط.. شكرا
جزيلا على بذورك التي نثرتها في أراضنا البور.. فأصبحت , بفعل ذلك ,
أرض العطاء .. أٍرض اليمن و الخير والبركة ..
أحييك تحية السلام
من خلال هذا المنبر الشريف ..
الهوامش :
* أنظر إلى الحوار الذي أجراه الأستاذ " نبيل منصر
" مع الشاعر وساط مبارك تحت عنوان " وساط مبارك : في الذات التي تكتب يوجد الآخرون
" المنشور بجريدة " المساء المغربية " تحت عدد 906 بتاريخ 19/ 08/
2009
إليكم نص الحوار :
صاحب ديوان «فراشة من هيدروجين»
قال إنه لم ينجز بعد ولو واحد في المائة مما يرغب في تحقيقه في مجال
الترجمة
حاوره- نبيل
منصر
- أطل الشاعر مبارك وساط على
القراء، من خلال ديوان «على درج المياه العميقة»، مكتمل العدة، بالغ النضج. كيف
يمكن أن ترسم لنا بداية عثورك على قصيدة مغايرة؟
<
في منتصف سبعينيات القرن الماضي
(وكنتُ وقتها في بدايات الشباب)، شرعتُ في تحبير بعض القصص القصيرة، وكنتُ أحلم بأن
تتوافر لي الظروف الملائمة للعمل المنتظم، طويل النفس، حتى أتمكن من الانصراف إلى
كتابة الرواية… كنتُ معجبا بروائيين مثل غارسيا ماركيز وجبرا ابراهيم جبرا ورشيد
بوجدرة… وبعدد من كتاب الرواية المشارقة والغربيين، كما كنتُ أتتبع تطور القصة
العربية القصيرة من خلال مجلات كالآداب البيروتية… وقد نشرتُ، بالفعل، حوالي خمس أو
ست قصص قصيرة… في المقابل، كنتُ أقرأ، على سبيل المثال، ما تنشره مجلة الآداب من
قصائد، فلا أشعر إزاءها بالإنجذاب القوي الذي يشدني إلى أعمال بعض شعراء الفرنسية،
من أمثال بول إيلوار وأندريه بريتون… ولاحقا أرتور رامبو وجورج شحادة… رغم أنني
كنتُ أشعر بتهيب خاص حين أقرأ للمرحوم خليل حاوي، ربما بسبب النبرة الجنائزيةـ غير
المفتعلةـ التي كانت تُهيمن على شعره، والتي كان ما أسميتُه وقتها، بيني وبين نفسي،
«حسي المأساوي بالحياة»، يتفاعل معها أشد التفاعل (علما بأنني لم أكن أعير اهتمامات
تُذكَر للتأويلات الإيديولوجية الخاصة لنصوص هذا الشاعر).
كنتُ شغوفا، أيضا،
بالشعر العربي القديم، لكنّي، من أجل تفاعل حقيقي مع قصيدة من هذا القديم، كنتُ
أرتحل، على صهوة الخيال، لأعيش في زمن صاحبها وبيئته الاجتماعية… أما الشعر
المعاصر، فإنّي لم أنجذب إليه بقوة إلا بعد أن قرأتُ لشعراء مثل الماغوط وأدونيس
وصلاح فائق ومحمد عمران، وبعد أن اطَّلعتُ على بعض أعداد «مواقف»… وقتها فكَّرتُ
أنه ممكن، أيضا، أن يكتبُ المرء بالعربية، قصيدة تنتمي بعمق إلى ذاته وإلى زمنه.
هكذا بدأ مسعاي إلى كتابة قصيدة تنسجم مع تصوُّراتي الجمالية، ولا تكون رجع صدى
لمقروءاتي… فكان أن نشرتُ نصوصا شعرية في الملحق الثقافي لصحيفة «الاتحاد
الاشتراكي»، وفي منابر أخرى، أذكرُ منها مجلة «مواقف»… وبعدها، ظهرتْ مجموعتي التي
تحدَّثتَ عنها…
- أصدرتَ، عن منشورات عكاظ (2001)، كتابا يتضمن مجموعتين شعريتين جديدتين،
هما «محمولات بأرخبيلات…» و«راية الهواء»، إضافة إلى ديوانك الأول. ما هو مسوغ جمع
الدواوين الثلاثة في كتاب واحد؟
<
كنتُ اتفقتُ مع «منشورات عكاظ» على
أن تُصدر لي كتابا شعريا، وكانتْ لدي مجموعتان جاهزتان، هما: «محفوفا بأرخبيلات…»،
و«راية الهواء». في ذلك الوقت، كانت مجموعتي الأولى قد ظهرتْ قبل أكثر من عشر
سنوات… وبدا لي أنَّ ضم «على درج المياه العميقة»، في صيغة «منقحة ومراجعة»، إلى
المجموعتين المذكورتين، ونشر الكل في كتاب واحد، سيكون أمرا جيِّدا. وما جعلني أحسم
في المسألة هو أني كنتُ، وقتها، أتردد بشكل متواتر على الرباط، فكان ممكنا أن
أتولّى بنفسي أمر مراجعة الكتاب أثناء الطبع…وهكذا صدرت المجموعات الثلاث مجتمعة.
وقد اعتقدتُ، في ذلك الحين، أنه يكونُ من الأفضل ألأّ يفتح القارئ كتابي ذلك على
مجموعة سبقَ أن اطّلعَ عليها، ولذا، فإن ترتيب المجموعات الثلاث في الكتاب، لم
يَخضع لمعيار التوالي الزمني…
- بإصدار ديوانك الأخير «فراشة من هيدروجين» (دار النهضة، 2008)، ترسخ
صوتك أكثر كشاعر مخلص لنوع خاص من الميتافيزيقا والوساوس، فضلا عن التشبث بالحكاية.
ما رأيك في هذا التوصيف؟
< في رأيي الشخصي، ولا أدري إلى أي حدّ أنا مُحِقّ أعتقد أنني أبقى مُخلصا
لتصوّر ينبني على التحوّل والتوتر والمفاجأة، والحركية الموجودة في صلب الساكن
ظاهريا، وضروب التناقضات التي يستعصي إدراكها من خلال منطق اختزالي ليست بالمعطيات
الثانوية في الوجود والحياة، وبالتالي، فإنّ طمسها ـ عن طريق اعتماد كتابة تبسيطية
جدا، عاقلة جدا، تكتفي بما هو سطحي، أو عن طريق كتابة تكون نوعا من الاندلاق اللغوي
الذي لا ضوابط له (والذي يستمرّ إلى ما لا نهاية) ـ لن يَنتُجَ عنه سوى نصوص فاقدة
لمياه الحياة، تُكرّر نفسها حد القرفوإذا شئتَ أن تُسمِّي تصوري هذا، غير النسقي
بالضرورة، ولا مُحدّد المعالم بشكل تام ـ نوعا خاصا من الميتافيزيقا، فلك
ذلك.
من جهة ثانية، أعتقدُ
أنَك مُصيب تماما في حديثك عن تشبثي بالحكاية. مؤخرا، كتبتُ نصا شعريا مطوَّلا
بعنوان «الطابق الرابع للملهاة»، اعتبرتُه «قصيدةـ حكاية»… في هذا الصدد، أذكر
بأنني ابتدأت بكتابات سردية. ولأنني لم أتخلّ عن ميولي الأدبية الأولى، فأنا الآن
أكتبُ رواية، كما أن قصصا قصيرة تتشكل في ذهني، في خطوطها العريضة. وأنا ميّال إلى
التفاؤل، ولذا أحسبُ أنَ بعضها سيرى النور… أعود الآن إلى الإجابة على سؤالك، فأقول
إن ما يبدو من «تشبث بالحكاية»، في العديد من قصائدي، ناجم، إلى حد بعيد، عن سعيي
إلى استكشاف شعري للذات. الذوات في ترحُّلها، الظاهري أو الباطني، الخاضع أو غير
الخاضع لِإكراهات الزمان والمكان…
حين أقول: للذات ـ الذوات، فإنّني أرغب في الإشارة إلى كوني لا أكتبُ
شعرا «أوتوبيوغرافيا» خالصا. وبالتالي، فمظاهر القلق والتوتر ومناخاة القسوة والألم
التي تحفل بها بعض قصائدي ليست بالضرورة، معطيات ذاتية متعلقة بي أنا كشخص عينيّ،
وأعتقد أنِّني، الآن، بصدد مناقشة ما سميتَه أنت إخلاصي لنوع من الوساوس. لستُ،
بالطبع، وجوديا، كما أنّني لا أحمل كلمات «قلق» و«توتر» و«ألم»… في سياق هذا
الحديث، دلالات نفسية خالصة مرتبطة بذات متقوقعة على نفسها، ولو كان هذا النوع من
الاختزال جائزا، لأصبح الكثير مما نعتبره أدبا في زمننا مجرّد وثائق جديرة بأن
تُشكل مادة للدراسات النفسية، لكن الأمر، لحسن الحظ ليس كذلك… لا أرغب في أن يُفهم
مما قُلتُ أن النص الشعري غير ذي علاقة بصاحبه، فهذا تصور آخر بعيد عن الصحة. ألخص
فكرتي في ما يلي: في الذات التي تكتب، يوجد الآخرون أيضا، وفي الشعور، الذي يشكّل
السلطة التنظيمية العليا للنص، يحضر العالم والتاريخ والآخرون. وهنا، لا يشكل هؤلاء
الآخرون «جحيما» ولا «نعيما».
- يشتغل الشاعر مبارك وساط أيضا على ترجمة الشعر، ذهابا وإيابا بين
الفرنسية والعربية. ما هي حوافز هذه الممارسة، وكيف تُقيِّم حصيلتها
الآن؟
< لا أعتبر أنني أنجزتُ شيئا ذا بال في ما يخص ترجمة الشعر. فأنا لم أصدر
إلا كتابا واحدا في هذا المجال، وهو كتاب شعري لعبد اللطيف اللعبي يحمل
عنوان:«شذرات من سِفر تكوين منسي»، ترجمتُه باقتراح من صاحبه، الذي تكفّل بنفسه
بالعمل على نشر النص العربي. وباعتبار عدد الشعراء الذين أرغبُ في ترجمة نصوص لهم
وجمعها في كتب، فإنّني لم أنجز، بعدُ، ولو واحدا من المائة مما أرغبُ في تحقيقه.
أما النصوص الكثيرة التي ترجمتُ ونشرتُ في مجلات أو صحف، فإنني أعتقد أننى ربما
أكون أفلحتُ، من خلال بعضها، في تقريب قارئ العربية من عوالم شعرية متفردة
ومتباينة… وما أزال أحلم بضم ما لم يضِع من تلك النصوص، إلى أخرى غيرها، وإصدار
المجموع في كتب. لقد سرَني، مثلا، أن أكون قد أنجزتُ ترجمة «غثيان أسود» وكانت
ترجمتي لمطوّلة محمد خيرالدين هاته، قد نُشرتْ، بداية، في أحد أعداد «الثقافة
المغربية». وقد قُمتُ، مؤخرا بترجمة قصائد عديدة لجمال الدين بن الشيخ (نُشِر
بعضُها في صحيفة «القدس العربي») ـ وقصائد أخرى لكل من هنري ميشو وروبير ديسنوس،
ستظهر في عدد قيْد الطبع من مجلة «ملامح» التي يُصدرُها، من السويد، الشاعر العراقي
باسم خضير المرعبي… أمّا ترجماتي من العربية إلى الفرنسية، فإنني لا آخذها بجدية
كبيرة. إنها نوع من التمارين، وهي، بكل تأكيد، نتاج لنشاط تمهيدي، آمل أن يكون
فاتحة طريق لانجازات ذات قيمة فعلية في المستقبل…ويبقى أن المؤسف في الاكتفاء بنشر
النصوص المترجمة في صحف أو حتى في بعض المجلات، هو أنها سرعان ما تختفي من التداول.
وأنا أتأسف الآن، حقا، على ضياع الكثير مما كنتُ، قبل سنوات طِوال، قد ترجمتُه
لرنيه شار وفرناندو بيسوا ومحمد ديب ومحمد خير الدين وهنري ميشو وروبير ساباتي
وغيرهم…
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق