الاثنين، 26 مايو 2014

وهج الفكر و الذاكرة


شعر :  عبد الجبار الغراز
 1 -
ﺑﻴﻦ داخلي  و خارجي ..
ﺃراني طائرا يصعد صوب السماء ..
يرفرف بأجنحته
 يعلو ، ثم يعلو ،
ليلامس أرض العطاء ..
 يبحث هناك .. في الأعالي
 عن أحلام كسرتها أيادي الشقاء .. 
ناوليني يا أنشودة الأزل قيثارة الوجد ..
كي أوقظ في الأعماق
 وهج السنين الثكلى ..
 من شيمي الغوص في ثنايا النفس ..
فلا تعبثي بقدري  ، إذن ، أيتها البجعات المدنسة
سأنسج من خيوط الشمس الذهبية سجادتي
 و أنغمس في صلواتي رافعا أكف الضراعة 
 مشتما عطر الوجود حتى الثمالة .

2 -
بيني و بين نفسي ..
لا وقت عندي الآن ..
 كي أرى نفسي في نفسي
فالطفولة التي كانت تسكنني
قد اغتالتها زمجرة ريح ماضية إلى قرار مكين ..
فهل أستكين كما استكان فراخ البجع
 و أحول قمم النسور قلاعا للعواء ؟
لا وقت لدي للنحيب
لا وقت لدي للعويل
مادام صباحي غد دائم
 يسكب قهوته المرة السوداء
لترشفها بنات آوى وقت الظهيرة
دموعا و دماء ..

3 -
 بيني و بين بنات أفكاري ..
وقتي .. كل وقتي
 زنزانة تبتسم لي ..
 و تروادني عن نفسي :
 " هيت لك يا أشقى الناس "
تقد قميصي من دبر ..
 فأشتهي كيوسف الصديق
 فاكهة التأويل ..
يا أيها الراقد في مكمني
 لم تقضن مضجع أحلامي
و أنا القادم من دنيا اليقضة ..
أرشف نبيذ الحنين
كؤوسا شبقية تسكر أطيافي المتراقصة في رأسي .. ؟

4 -
بيني و بين وهجي
تسكنني أوجاع الأنبياء
فأكنس محراب فكري من دنس القداسة
منعرجا نحو اليسار ..
سالكا طريق الغواية
جسدي المثخن بالجراح
 مازال يصرخ كالرغبة في أحشاء الذكرى
" هل أدلك ، أيها الحالم في أرض التجانس
 على أوطان لا تشبع من ترياق الذكريات ؟ "
هكذا قالت لي محنتي الحبلى بنوارس الجنوب .
أجبتها ضاحكا :
 " سأعود في المساء
 لتروي لي أمي كيف انتحرت أشواق الناس
 في معبد الرتابة " 
لا تتعجلي رواية القصة يا أماه
 ، فنحن في حضرة وطن ينعي موتاه ..
و غدا سيطوي صفحاته الداكنة
 و يغادر أرض التطابق
 كعبير اشتاق إلى خلانه ذات يوم من أيام الربيع المزهرة ..
قد لا أكون ساعتها كما تشتهي نفسي ..
لكن ..
سأكون ، يا أمي ،  كما أراد قدري أن أكون :
مسافرا يهوى الترحال في متاهات الأسفار ..
  بزورق صغير يمخر عباب الأفكار ..
باحثا في بحر المفارقات
 عن ذرر الشذرات و الأشعار ..

5 -
 بيني و بين البحر 
سأشبه نفسي في انكساراتها ..
بأمواج بحر
 في ارتفاعه و تعاليه .. تزأر مزمجرة
لكن حين تعانق صلابة الصخر
تستكين على ضفاف رؤياي ..
قد أشبهك أيها الضوء الساطع
المار من شرفة الروح
ذات مساء بارد ..
حين تشتعل نار الرغبة و تجتاح تجاويف دواخلي ..
آه .. كم تبدو لي، وقتها ، طقوس قبيلتنا ثقيلة
تكتم الأنفاس كصباحاتي الخريفية ..

6 -
 بيني و بين حزني
لا بريق ضوء يومض في أفق حاضرنا ..
لا موت رحيم ينثر شآبيبه على نعوشنا الباردة
ﺃﺑﻜﻲ أيامنا الخوالي
كم هو جميل لو بقيت يا  أمي على قيد الحياة
كم هو جميل
لترضعي سمكاتي .. لبن الفكر ..
مساؤكن أيتها السمكات .. غفوة للروح
و ليلكن الحالك نزوة للجسد
 يزهو كطاوس بريشه السرمدي ..
لم عجلت يا أماه .. الرحيل
  حتى غدت كلماتي عابرة
تنسج في سمائي وطن المستحيل ؟؟؟
لم عجلت  يا أماه الرحيل ؟؟؟
آكادير يوم الجمعة 23 ماي 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق