الأربعاء، 15 أغسطس 2012

الأخضر الإبراهيمي كبش فداء ؟

لقد قبل ، إذن، السيد الأخضر الإبراهيمي مهمة المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة و الجامعة العربية لسوريا ، لتدبير الملف السوري خلفا لكوفي عنان ، الذي استقال من منصبه بعد أن صرف ، هذا الأخير ، و بدون جدوى ، كل طاقته الفكرية و الدبلوماسية من أجل أن يقود سوريا إلى بر الأمان لتخرج من نفقها المظلم .
المبعوث الجديد ، إذن ، أريد منه أن يكون عربيا لغرض في نفس يعقوب لا يعلمه إلا الله و الراسخون في فن السياسة . لكن هل ثمة جديد سيقدمه هذا الخلف في الوقت الذي لم يستطع السلف أن يمنح أي شيء إيجابي على أرض الواقع لهذا الملف لطي صفحاته الأكثر دموية ؟
نعتقد جازمين ، كإجابة عن هذا السؤال ، أن السيد الابراهيمي سوف لن يفلح في حل هذا المشكل السوري . الظاهر أنه لم يستوعب الدرس العراقي جيدا ، ألا يعلم هذا الرجل ، علم اليقين أن سوريا تتعرض كما تعرض العراق سابقا لمخطط التفكيك ، ذلك المخطط الذي يصب في مصلحة الغرب و إسرائيل على الخصوص ؟ أفلا يكفي خيره ، كرجل سياسة مشهود له بالكفاءة الفكرية و الحنكة السياسية ، شر الأخطاء التي ارتكبها في العراق ، و التي بسببها أدى العراق ثمنا غاليا ، حيث لا يزال هذا الأخير يؤدي فواتير ما صنعت أيادي الأمريكان من قتل للنفوس الأبية و طمس للهوية الثقافية للشعب العراقي و لمعالمه الفكرية التي كانت تشكل نبراسا ينير الطريق المؤدي إلى الرقي و الازدهار ؟
لقد كنا نأمل أن يستمع السيد الإبراهيمي لصوت الضمائر الحية في بلادنا العربية و يعمل بنصائحها و نخص هنا الذكر النصائح الموجهة له من طرف السيد عبد الباري عطوان في مقاله المنشور ب" القدس العربي " في عدد يوم السبت الماضي ، لكنه لم يفعل حيث ضرب بهذه النصائح الثمينة عرض الحائط ، و لم يتجنب المصيدة التي سيقع ، لا محالة فيها ، و هو شيخ وقور و له رصيد سياسي و دبلوماسي محترم ينبغي أن يحافظ عليه و لا يعرضه لدنس هذا الملف السوري الملغوم .
لم يعمل شيخنا الوقور بنصيحة كل ناصح أمين ، و قبل عن طواعية و عن وعي أن يتورط ، في هذا الملف السوري الملغوم ، و عليه أن يتحمل تبعات هذا الاختيار ، فلن تنفعه ، هذه المرة ابتسامته الدافئة التي لا تفارق محياه ،المطمئنة لكل نفس حائرة ، و سوف لن تذيب دبلوماسيته التي توحي بالبراءة و الطهر السياسي ، ذلك الجليد الذي اكتسح قلوبا قد تحجرت و أصابها العمى و لا تفهم سوى لغة المصالح . عندئذ ، سوف يبدد كل رصيده في عالم السياسة و يفقد كل مصداقيته ، و يحكم على نفسه بالموت السياسي .
و خلاصة القول ، يعتبر الملف السوري ملفا شائكا و عسيرا و دروبه ملتوية ، لا يستطيع الأخضر الابراهيمي و لا غيره ، فك طلاسيمه ، و بالأحرى تعاطيه عبر تدبير ملفه وفق خطة ترضي كل الأطراف المتحكمة فيه . فإذا كان عنان قد فشل في مهامه الأممية ، فكيف للسيد الإبراهيمي أن ينجح فيها ، و هو يعلم مسبقا أن مفاتيح الحل السوري بيد القوى العظمى المتناحرة التي تريد أن تجعل من الربيع العربي امتدادا لرغباتها او مصالحها الحيوية المتعارضة في منطقة الشرق الأوسط ، اللهم إذا كان السيد الإبراهيمي يقبل على نفسه أن يقدمها ، لا قدر الله ، قربانا على مذبح المصالح و الرغبات التوسعية الإمبريالية لهذا الغرب المتوحش ، و يقبل على نفسه أن يجعل ، هذا الأخير ، من موته ، ذريعة للتدخل في سوريا لحسم الأمر عسكريا على رغم أنف الصين و روسيا .

الاثنين، 6 أغسطس 2012

الرئيس المصري الجديد و أسئلة المرحلة الصعبة التي تجتازها مصر


الرئيس المصري الجديد و أسئلة المرحلة الصعبة التي تجتازها مصر  

عبد الجبار الغراز *

       يمكن القول ، بعد هذا الحدث العظيم  الذي عشناه مع الشعب المصري  ، و الذي يتمثل في  تسلم محمد مرسي لمهامه الرسمية ، و ما ترتب عن ذلك من انتقال بمصر من الجمهورية الأولى إلى الجمهورية الثانية التي دشنت بأداء  الرئيس المصري الجديد اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ، و أمام  مقر جامعة القاهرة ، و قبلهما بالأمس أمام المعتصمين في ميدان التحرير ، يمكن القول ، أن مصر قد دخلت عهدا جديدا بفضل ثورتها التي اتت بأول رئيس مدني يخرج من صناديق الاقتراع . رئيس سيحافظ على النظام الجمهوري و على استقلال الوطن و سلامته . رئيس سيراعي الشرعية الدستورية و يضمن الحقوق دون تمييز . رئيس سيحترم السلطتين القضائية و التشريعية و سيقوم بدوره لضمان استقلال السلط الثلاث و سيسهر على تكريس مفهوم المؤسسية لتصبح مصر دولة مدنية و وطنية و دستورية حديثة قوية بشعبها و تقاليده العريقة .

      لاشك أن صعود " الإخوان المسلمون " إلى سدة الحكم في مصر قد كان تتويجا للمجهود الذاتي لهذه الجماعة ، الذي لا يمكن إنكاره ، و الذي سيجعل منها المستفيد الأكبر من هذا المخاض العسير الذي عاشته مصر في ربيعها ، كما ستجعل منها الحركة السياسية  التي  تسعى لأن تحقق قفزة نوعية لم يسبق لها مثيل في التاريخ العربي و الإسلامي المعاصر و ذلك بتحولها من جماعة محدودة في الزمان و في المكان ، إلى تنظيم جماهيري يسعى إلى قيادة هذه المرحلة الصعبة التي تجتازها مصر، و معها الأمة العربية و الإسلامية ، لو استطاع الرئيس المصري الجديد أن يترجم تصريحاته التي وردت في خطابه الذي القاه اليوم في جامعة القاهرة إلى أفعال ملموسة  و واقعية .

       لكن في المقابل ، و بموازاة مع هذا الحدث المصري العظيم ، لا يمكن إنكار الواقعتين الحقيقيتين التاليتين :

     الأولى ، يمكن التعبير عنها من خلال القول أن الرئاسة المصرية الجديدة  قد كانت وليدة تصويت غالبية لم تمنح أصواتها لصالح محمد مرسي ليصبح رئيسا للبلاد إلا اتقاء للنتائج السلبية لوضعية اختيارية جد صعبة وضعت فيها و التي قادتها إلى أن تختار ما بين مرشحين إثنين كان أحلاهما مر .وهذه ، لعمري ، لجبرية سياسية لا ينبغي إغفالها أثناء كل تحليل يفترض الموضوعية و العلمية و الدقة في الوصف للمشهد السياسي المصري الراهن .

     و الثانية ، يمكن التعبير عنها من خلال القول ، أن محمد مرسي قد أصبح رئيسا فعليا لكل المصريين لكن بمرجعية إسلامية كانت و لا تزال ، محط مخاوف شريحة كبرى من الشعب المصري ، و هذا المعطى لا يمكن التغاضي عنه بسهولة ، خصوصا حينما نرى هذا الصعود المتنامي للمد الإسلامي في العالم العربي ، على العموم و في مصر على وجه الخصوص ، سيواجه ، لا محالة ، تحديات و تضحيات و تنازلات جسام ، قد تحد من طموح السياسي الكبير لهذا الرئيس الجديد ،  في جعل مصر تلعب دورا رياديا و قياديا للأمة العربية و الإسلامية .

      هذه الزاوية للرؤية للوضع المصري الجديد التي حتمت علينا أن نرى الأمور وفق واقعية سياسية ، تدفعنا  إلى طرح فرضيات يمكن صياغتها على شكل التساؤلات التالية :

      هل ستستطيع القيادة المصرية الجديدة  توحيد كافة المواطنين المصرين تحت راية واحدة عبر تهدئة المشككين في الحكم الاسلامي ، و تخفيف القلق الذي يسيطر على الأقليات و تبديد مخاوفهم من صعود تيار إسلامي قد ينسف قاعدة الحوار و الاختلاف و قد لا يصون العهود ؟

       هل ستعود مصر لدورها الريادي و القيادي في المنطقة العربية ؟ و هل سيساعدها هذا الدور في فرض إيقاع جديد للأداة السياسية تمهيدا لخلق توازنات جديدة في منطقة الشرق الأوسط ؟ كيف لها تحقيق ذلك و مستوى التطور في البنيات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية لا يشي بتكوين جبهة داخلية قوية لمواجهة تحديات من نوع آخر مرتبط بالبطالة و الفقر و تفشي الفساد ؟

        وكيف ستتعامل مصر مع محيطها القريب خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما يجري في الساحات السياسية العربية الساخنة، و نخص بالذكر هنا الساحة الفلسطينية و الساحة الليبية والساحة السودانية و الوضع السوري المتردي الذي يتفاقم  يوما بعد يوم ؟

        وكيف يمكن ، بالتالي ، للرئيس الجديد أن يصون المعاهدات الدولية ، في ظل الأوضاع التي تتخبط فيها الأمة العربية و الإسلامية من حصار مستمر لغزة و تهويد ممنهج  للقدس الشريف ؟

       فهل ، بعد هذا  و ذاك ، سيتم انتزاع الحقوق العربية المغتصبة بقوة السلاح و الحرب ام سيتم اللجوء للوسائل الدبلوماسية ؟ 

       لا نملك ، بعد طرح هذه التساؤلات ، و في هذه اللحظة المصيرية ، إلا أن  ندعو الله أن يكون عونا لهذا الرئيس المنتخب . فلا محالة سيعيش بين نيران مشتعلة ، تأتي على الأخضر قبل اليابس ، من الصعب عليه إخمادها : نيران الداخل و نيران الخارج .
     فمن جهة أولى ، سيعيش نار طموح  جماعته ،  في تشكيل امبراطورية إسلامية في المنطقة ،علما أنه يفترض فيه أن يكون رئيسا لكل المصريين ، معبرا عن كل تطلعات كل أطياف الشعب المصري المختلفة .  كما سيعيش ، في مقابل ذلك ، نار مراعاته،  في قيادته لسفينة الحكم ، المعاهدات الدولية التي أبرمتها الدولة المصرية .  فإسرائيل، في كل وقت و حين ، لا تخفي تخوفها من تنامي المد الإسلامي في مصر ، فقد رأيناها منذ يومه الأول  من فوزه في الانتخابات ، تطالبه، على لسان أبرز صحفها ، هارتز و يديعوت أحرونوت ، باحترام عهوده في تطبيق المعاهدات الدولية و أولاها معاهدة كامب ديفيد .

     و من جهة ثانية ، فسيجد الرئيس الجديد نار الثوار مشتعلة مجتاحة كل جنبات ميدان التحرير، تصده بقوة كلما أقدم  على فعل أم أحجم عنه ، أو خطى خطوة غير محسوبة تتعارض مع  مبادئ الثورة المصرية .

      وعليه ، من جهة ثالثة ، أن يعلم أن هؤلاء الثوار سوف لن ينسحبوا من ميدان التحرير هذه المرة  مثلما فعلوا في المرة السابقة ، لما عادوا إلى أوكارهم و تركوا الساحة فارغة للصوص ينهبون الثورة يفعلون بها ما يشاؤون، بل سيعتصمون فيه و لن يتركوه حتى تحقق الثورة أهدافها . لقد استوعب هؤلاء الشباب الدرس جيدا ، وسيذهبون باعتصامهم إلى أبعد مداه ، حيث سيطالبون رئيسهم الجديد بتصريف كافة الصلاحيات التنفيذية المخولة له كرئيس للجمهورية في اتجاه تحقيق أهداف الثورة و الحفاظ على مكتسباتها ، و تشكيل حكومة أخرى  جديدة  ، إذا لزم الأمر ، بصلاحيات حقيقية .

     و عليه ، من جهة رابعة ، أن  يتذكر دائما ، أنه أول رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في مصر ، و هذه سابقة لم يشهدها التاريخ السياسي المصري الحديث ، و بل و التاريخ السياسي العربي و الإسلامي الحديث .

       و عليه ، من جهة أخيرة أن يعلم أن  المهام الموكولة إليه هي خاضعة بشكل مباشر لرقابة الشعب ، و لهذا  فالشباب المصري الثائر سوف لن يتركه يفعل ما يشاء دون حساب أو مساءلة .  فالعودة إلى ميدان التحرير للاعتصام فيه أصبحت شيئا مفروغا منه مادام جدار الخوف قد تحطم .
       باختصار ، هناك خياران لسيادته لا ثالث لهما :  فإما تحقيق مكاسب الثورة و إما التنحي  عن منصب رئيس الجمهورية . 

الربيع العربي كما يبدو في نسخته المعدلة جينيا


الربيع العربي كما يبدو في نسخته المعدلة جينيا

بقلم : عبد الجبار الغراز

          يظهر لنا ، بعد هذه الكوميديا التي نتتبع فصولها على خشبة مسرح أرض الكنانة التي يبدعها المجلس العسكري ، و ما تمثله من إجهاز على ثورة شباب مصر ، أن إبداعات الهندسة الوراثية قد تجاوزت حدود اشتغالها كمجال علمي ، فبدل أن يقتصر مجهودها العلمي على الكائن الطبيعي نراها قد طالت أيضا حتى الكائن السياسي ، بفضل مجهودات أهل الخبرة و الدهاء و المكر في مجال السياسة الذين استلهموا من تقتيات الهندسة الوراثية  طرقا مماثلة لها للتدخل في شؤون بلدان الربيع العربي ، و أولها مصر ،  و محاولة تعديل ثوراتها الناشئة تعديلا جينيا ، لاستنساخ ما يكفي من نماذج من الديمقراطيات وعرضها للبيع ، بالعملة الصعبة ،  في السوق السياسي العالمي لمن يريد أن يشتري .

        و للعلم ، فالتعديل الجيني كما يعرفه لنا هذا الحقل العلمي ، هو التدخل في البنية الداخلية للكائن الطبيعي  بغرض إحداث تغييرات في بعض أحرفه الوراثية ، حيث يترتب عن ذلك إنتاج أشكال و أصناف متعددة تشكل بنيات جديدة يمكن اعتبارها ، إلى حد ما ، صورا مستنسخة تحاكي الأصل دون أن تتطابق معه تمام التطابق ، كالتعديل الجيني للتفاح أو العنب أو غيرها من الفواكه الأخرى .

     لا أحد ينكر أن الربيع العربي قد بدا ، في الأشهر الأخيرة الماضية ، منتكسا راكدا ، و كأن تعديلا جينيا قد شابه فأصاب نسخته الأصلية بنوع من الابتذال و التشويه . و قد شاهدنا ذلك عن كثب ، حيث طوقت مجتمعات الربيع العربي من طرف القوى العظمى شر تطويق ، بغية توجيه مدها الثوري  وجهة غير تلك التي رسمها له شباب الثورة . لقد حاولت هاته القوى العالمية إفراغ الربيع العربي من مضمونه الثوري و شل حركيته المتصاعدة حتى لا تقود تلك المجتمعات العربية إلى تحول هادف يروم بناء مشروع حضاري حقيقي . ألم يكن يهدف الربيع العربي إلى تأصيل الفعل الثوري الذي يجعل من الإنسان فاعلا في تاريخه ؟ فليس غريبا ، إذن ،  أن تجند الطاقات لإفشال مشروعه الثوري ، لأن هذا الربيع أربك كل حسابات الغرب الرأسمالي ، فاحتفاظه بزخمه الثوري يعد ، في نظره  شيئا شاذا و غير مقبول.

      و لكي يتحقق مشروع الإفشال و حتى تزيغ الثورة عن طريقها و تنحرف عن مبادئها التي من أجلها قامت ، كان لزاما أن يرحل بسرعة  هذا الفصل الربيعي المفعم بالفتوة الثورية ليعقبه صيف لم تنضج ثماره بعد ولم يحن بعد أوان قطافها ، أو أنها نضجت قبل الأوان ، بسبب تعديل جينات أصاب بذورها .

       و بناء عليه ، يبدو أن الربيع العربي سيكون الممهد الأمثل للتعديل الجيني لغيره من الثورات القادمة  في المستقبل . فما نراه من تدخل سافر في الشأن الداخلي من قبل القوى العظمى للمجتمعات العربية عبر تغيير مسار ثوراتها و جعلها حقول تجارب لإنتاج ديمقراطيات على المقاس و تحت الطلب ، يؤكد ما نحن بصدد تحليله ، حيث ستصبح بعدها الثورة عربية كانت أو غير عربية ، مجرد فاكهة ناضجة قبل الأوان لا تصلح لشيء إلا للاستهلاك الظرفي و الوقتي ، فبعد الاستهلاك  يتم لفظها كعلكة زالت منها الحلاوة ، أو تصبح مجرد موضة ثقافية تروج لماركات عالمية مسجلة يستغل فيها رموز الثورة من قادة و أبطال و شهداء أبشع استغلال . وحين يزول عنها بريقها الجذاب و تصبح قديمة و بالية يتم التخلص منها و الانصراف إلى غيرها ، و هكذا دواليك .. فعلى هذا القياس الذي قدمناه ، ستغدو ثروات الشعوب المستضعفة شبيهة بالسلع الخاضعة لتقلبات سوق سياسي لا يقل بشاعة و استغلالية عمياء عن السوق الاقتصادي أو منتوجا قابلا للاستهلاك السريع . و بعد أن يتغير مذاقه أو لونه و لا يعود يصلح لشيء  يرمى في القمامة .

      فلا غرابة قد يجدها الإنسان في هذا الوصف السوريالي الذي حول ثورات الربيع العربي إلى مسخ كافكاوي ، ما دامت الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام المرئية المشحونة بالعنف أصبحت مستهلكة صباح مساء هذه الأيام . فمن فرط الاستهلاك و طول انتظار المشاهد الكريم للنهاية السعيدة المرجوة ، كما يحدث عادة في الأفلام الهوليودية الكلاسيكية ، يتحول في ذهن الناس المشهد السوري ، مثلا ، من مشهد ثوري سلمي مطالب بالحرية إلى مجرد مشهد دموي لا يثير فيهم سوى الشفقة الممزوجة بالملل ، و كأن الأمر هنا لا يتعلق بأرواح بريئة تزهق ، أو بأجساد آدمية لشهداء و جرحى ، تلقى هنا و هناك في الطرقات و بجانب الأرصفة ينكل بها، بل يتعلق بدراما تليفزيونية محبوكة تشابكت فيها الخيوط و تداخلت فيها الأدوار.

      يظهر هذا الغرب الرأسمالي ، الذي بدأت تنخر كيانه الأزمات ، أمام العالم بمظهر المحتضن و المدعم لهذه الثورات العربية الناشئة ، لكنه في الحقيقة يلعب خلف الستار ، لعبة دنيئة :  فهذا الاحتضان الكاذب لم يصيرها سوى مجرد أدوات جهنمية طيعة في يده تسلب من الإنسان العربي الإرادة الحقيقية في التغيير و الفاعلية الحقة في صنع التاريخ .

     في خضم هذه المحاولات التعديلية لثورات الربيع العربي جينيا ، يظهرالوعي العربي و كأنه يعيش حالة اغترابية ، هي بمثابة تعبير عن حالة ضياع الإنسان العربي في واقع غريب عنه لا يستطيع فهم آلياته و توجهاته الكبرى ، واقع  ساهم هو في تأسيسه و تغييره لكن فاعليته الحقيقية في التاريخ هاته لم تحسب له ، لأنه ، بكل بساطة ، تم تغييبها ، أو لنقل ، سلبها منه .

    هذه الحالة الاغترابية عن الذات و عن فعلها الثوري قد ظهرت معالمها الأولى  منذ إلقاء أول قنبلة من قبل قوات الناتو في أراضي ليبيا  و ازدادت حدتها بعد محاكمة للرئيس المصري الأسبق و نجليه و وزير داخليته و مبادرات كوفي عنان في اتجاه إخماد لهيب الثورة السورية ، و محاولة إقحام الإسلام السياسي كخيار واحد و وحيد لإقبار كل مشروع تحديثي في المجتمع العربي ... كل هذا و ذاك  يصب في نفس الاتجاه الرامي إلى فرملة الثورات العربية و التدخل في شؤونها لتغيير خارطة المجتمعات العربية ضمانا للامتيازات و المصالح الحيوية للغرب الرأسمالي .

      فبعد أن يخبو في النفوس وهج الثورة  و يغزو الملل الجميع ، خاصة المستضعفين من الفقراء ، لطول ترقب و انتظار أن تضع الثورة أوزارها لجني محصولها سيتشكل المشهد السياسي على الشكل الآتي : ستوضع الدساتير على المقاس لتتواءم مع الوضعية الجديدة القديمة و ستجرى الانتخابات و ستطفو على مسرح الأحداث نخب جديدة حيث سيترك لها هامش نسبي من الحرية لتتحرك و تعمل و تحقق بعض المكتسبات الجزئية ، و سيمنح للفئات المتضررة بعض الحقوق و بعض الامتيازات ( و لنا هنا في تجربة رئيس الحكومة ، عندنا في المغرب في رفعه لأسعار البترول و إلغاء صندوق المقاصة لدعم الفقراء ماليا ، أحسن تعبير عما نقول )  وسيتم تغيير بعض البنيات بشكل سطحي  ليتوهم الناس أن النسق العام قد تغير في العمق في حين لا شيء تغير في الواقع .

      و مجمل القول ، نقول للشباب الواعد في أنحاء هذا العالم العربي الشاسع : ثورات الربيع العربي هي مجهود من إبداع أياديكم فلا تهدروه بجلوسكم أمام حواسيبكم . فجاهل من يظن أن الثورات تعطي أكلها بإذن صناعها في وقت وجيز، فهي تحتاج إلى وقت كاف حتى تنضج فاكهتها في أرضها الطيبة . باختصار شديد ، الثورات العربية  تحتاج إلى أياد بيضاء ، شبيهة بأيادي الفلاحين .. تحتاج إلى عقول نيرة مدبرة تنظر لها و ترعاها و تسهر على حسن سيرها لتقودها إلى بر الأمان حتى لا يتم احتواؤها و دمجها من طرف القوى العظمى. 

     كما ندعو الباحثين و المثقفين إلى التفكير في الثورات التي تطرأ في العالم العربي ، و الثورات القادمة ، من منطلق يستلزم إعداد عدة مفاهيمية و أدوات منهجية ملائمة لطبيعة المجتمع و مؤهلاته الثقافية و الاقتصادية و مدى فاعلية الأداة السياسية التي تتحكم في مجرياته .

      هذا التنظير سيوسع مجال الرؤية حتى نرى هذه الثورات من زوايا عديدة تساهم في تركيب صورة حقيقية حول ما يجري على أرض الواقع  من صراعات مختلف الأطراف. وهذا الأمر يستلزم منا أن نعتبرها ثورات ناشئة ذات نفس طويل لهدم صروح الاستبداد و معرفة ما إذا كان سيسفر هذا الهدم عن إعادة بناء صروح جديدة و متينة أم انه سيعيد إنتاج ما كان قبل الثورة لكن هذه المرة سيكون بشكل براق و موهم و خادع.

       لكن ، و بكل تفاؤلية سليمة نقول أنه رغم هذا التدخل الناعم في شؤون العرب الداخلية ، فإنه ، في اعتقادنا الشخصي ، لن يؤثر في عزيمة الشعوب العربية التي تحرص أشد الحرص على حماية مكتسبات ثورتها من السرقة ، والتي حققتها على أرض الواقع ، فتاريخ الشعوب ليس نتاج أنساق و بنيات متعالية عنه، و ليس سيرورة عمياء بدون ذوات فاعلة ، بل هو نتاج  فعل بشري. و هذا يعني ، من جملة ما يعنيه ، أن طبيعة الثورات  تتحدد بتطلعات الشعوب و قاداتها و أحلامها في بناء غد مشرق تسود فيه الحرية و الديمقراطية و تكريس المبادئ و القيم الإنسانية الأخرى النبيلة .  لكن يبقى عنصر الفاعلية في التاريخ غير كافي ، إذا لم يصاحبه شرط بلوغ مستوى معين من درجة تطور المجتمع سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا . و في هذا المضمار ، نعتقد جازمين أن المجتمعات العربية قد نالت حظها بما يكفي من التطور، و الربيع العربي شاهد على ذلك ، و قد أن الأوان أن تقطف من ثماره و تستفيد ، كباقي مجتمعات المعمور، من غلاته الوافرة غير المعدلة جينيا .

سنة 2011 أو سنة زمانية العرب

سنة 2011 أو سنة زمانية العرب . قراءة سريعة في أنطلوجيا الثورات العربية

هل سيتعافى العرب من مرض مزمن اسمه النزعة القطرية ؟

هل سيتعافى العرب من مرض مزمن اسمه النزعة القطرية ؟

كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 21 أغسطس 2011 الساعة: 05:15 ص

عبد الجبار الغراز
سيكون من السابق لأوانه تناول موضوع شائك مثل هذا الموضوع ، و المباشرة في كتابة مقال يتناوله مغرق في التفاؤلية يبشر، بقرب زوال الحدود الوهمية التي قيد العرب بها إرادتهم التواقة إلى التوحد السياسي . فهذا حكم صائب لا أنكره :. فجسمنا الثقافي العربي يحتاج إلى وقت كاف ليسترجع لياقته الفكرية و يستجمع قوته الوجدانية ليصل سطحه بعمقه التاريخي و الحضاري . و ثوراتنا العربية المباركة ، ما تزال في مهدها تصارع الطغيان . فهي ، قبل هذا كله، ليست إلا جهادا أصغرا، قد تخبو نيران حماسها لطول مجابهتها لطغيان متعدد الرؤوس . طغيان كثعلب ماكر يتقن فن الظهور و الاختفاء ، و يتمتع بنفس طويل .. فقد يركن و يستكين و لكن ، حين تتاح له الفرصة ينقض على الثورة و يلتف عليها .. أما الجهد الأكبر .. فهو جهاد النفوس للتغلب على النوايا السيئة التي تزرع بذور الشقاق و النفاق حتى لا تعود النفوس للحنين إلى تلك الفترات الاستبدادية الرهيبة و الاحتماء بطغاة و مستبدين جدد قد يظهرون في ثوب حماة للثورة إإإ
لكن .. حين استحضر صمود الشعب السوري في وجه الألة العسكرية البشارية التي لم تعد ترحم الصغير و لا الكبير , و حين استحضر اصرار الثوار الليبيين على مواصلة القتال لاجتثات جبروت القذافي و زبانيته من أصوله، ناهيك عن الملحمات التي يقدمها شعبنا العربي الواحد في اليمن ومصر و في تونس ، في سبيل تأصيل العمل الثوري و الحفاظ عليه، و جعله نموذجا عالميا يحتذى به ، حينما أستحضر كل ذلك ، أرى بعين النقد غير المرتابة ، أن دنيا العرب لا زالت بخير ، و أجدني ، بالتالي ، مدفوعا إلى إفراغ كل ما في جعبتي من تداعيات أفكار ،هي من وحي ما يفعله هؤلاء الأبطال الملحميون .
أعود إلى موضوعي الرئيسي و أقول أن النزعة القطرية قد نجحت هي و مصمموها، إلى حد بعيد ، في تشتيت شمل العرب ، وتحويلهم ، في ظرف زمني قصير ، إلى كيانات انزوائية ترفض التفاعل الإيجابي مع آخرها ، و تكره فعل التغيير . فقد رأينا كيف ارتكن كل بلد عربي إلى جنب يريحه ، و انصرف إلى الاهتمام بشؤونه الداخلية مستحضرا عناصر استكمال وحدته الذاتية ، و مغيبا ، في نفس الوقت ، كل أشكال التضامن القومي التي ستقوده إلى بناء وحدة تكاملية مع آخره الشبيه لذاته حضاريا و لغويا و تاريخيا . و هكذا استمر العرب على هذه الحالة مدة من الزمان ، و أصبحوا كائنات آدمية أيلة للانقراض ، مفتعلين الخصومات و الخلافات الحدودية ، و مبتعدين عن بعضهم البعض مسافات من أجل سواد عيون هذه النزعة القطرية اللئيمة التي تجدرت في وجدان شعوبهم و أجيالها القادمة . و استمرت " الدار الكبيرة " هاته التي يسمونها الآن ب" جامعة الدول العربية " مانعة الدول العربية من الازدهار و التطور و التقدم ، تخفي تناقضاتهم و مفارقاتهم التي تفرزها تلك التباعدات .
فبعيداعن كل مواكبة حقيقية للتكتلات الإقليمية و الجهوية التي أصبح يعيشها العالم من حولهم ، تعاطى العرب لجرعات زائدة من مخدر النزعة القطرية و قيمها السلبية . و زين الغرب الرأسمالي لهم سوء أعمالهم و ما كانوا يصنعون ، وتفنن و أبدع في رسم غذ مشرق واهم لهم و هم في أحضانه هائمون .
لكن ربيع الثورة الذي تعيشه الآن الشعوب العربية قد أحيى الروح و بعث الأمل في القلوب اليائسة و جعلها تشرئب لمعرفة المزيد من المعلومات حول ما ستسفر عنه التطورات في الأحداث السياسية و الاجتماعية في عالمنا العربي ، و جعلنا نحن معها نطرح التساؤلات المشروعة التالية :
_ هل الثورات العربية التي اندلعت قبل شهور و لم تخمد نيرانها بعد ، ستبشر بغد عربي مشرق خال من أسباب التفرقة التي شتت البيت العربي الواحد و حولته إلى مجرد بقايا حطام حضاري تنعق فيه الغربان ؟
_ وهل ستغدو , في خضم هذه الثورات المتصاعد، الدول العربية ، كيانات عربية مستقلة تنتقل من حالة التشرذم و التجزيء إلى حالة الوحدة و الاستقرار ؟
_ و هل يمكن الحديث عودة مصر إلى دورها الإقليمي الهام الذي كانت تلعبه ، تقود العالم العربي نحو توحيد سياسي تتكامل فيه الأوطان العربية ؟ و إذا كان هذا ممكن الحدوث ، فبأي معنى يمكن فهم هذا الدور الريادي المرتقب ؟
- و هل معركة الاستقلال التي يقودها شباب العرب ضد حكامهم و أنظمتهم الفاسدة مؤشر قوي دال على قرب بزوغ فجر مجتمع عربي جديد ديناميكي قادرا على استكمال اندماجه و تحوله إلى مجتمع عربي موحد ؟
باختصار شديد ، هل الوحدة العربية في ظل هذه التطورات التي تشهدها الساحة العربية ، ممكنة التحقيق ، أم أنها ستبقى مجرد يوتوبيا محكوم عليها أن تبقى كذلك إلى أبد الآبدين ؟
لا يفوتني هنا ، كإجابة على بعض من هذه التساؤلات ، أن أسوق هنا ، بنوع من الإيجاز ، بعض الحقائق تخص جامعة الدول العربية التي تناولها بتفصيل الدكتور مجدي حماد في مؤلفه القيم " جامعة الدول العربية مدخل إلى المستقبل ( سلسلة عالم المعرفة العدد 299 ديسمبر 2003 يناير 2004 ) حقائق توضح أثر النزعة القطرية على التكامل العربي المفترض، و هي على الشكل التالي :
- أولا : النخب العربية الحاكمة تعرقل سير التكامل العربي المنشود ، لضرورات مرتبطة بمصالحها الذاتية .
- ثانيا : الوحدة العربية تستلزم في تحقيقها لأهدافها ، تغييرا جذريا للأوضاع . لكن تحالف النخب الحاكمة مع قوى داخلية محافظة ، يستبعد ، باسم التغيير التدريجي و المرحلي للأوضاع ، هذا الشرط ، يجعل التكامل العربي مسألة بعيدة المنال ، إن لم نقل، مستحيلة .
- ثالثا : اغتصاب فلسطين و زرع الكيان الصهيوني في الكيان العربي من اجل ترسيخ التجزئة و التشتت و تعميقهما ، و تقوية النزعة القطرية ، هي إجراءات تصب في مصلحة إسرائيل و الغرب الرأسمالي ، بقصد شل كل إرادة سياسية عربية ميالة إلى التحرر السياسي و الاقتصادي ، و بالتالي، عدم تحقيق تكامل وحدوي بين الأشقاء العرب .
- رابعا : الحضور الباهت على الساحة القومية، للقوى السياسية الشعبية ، يجعلها لا تشكل ورقة ضغط تفرض بها وجودها ككيان نضالي متصاعد .
- خامسا : ارتباط الموقف العربي السلبي من قضية التكامل الوحدوي ، بإشكالية الديمقراطية و بالمشاركة الشعبية الحقيقة في صنع القرارات الحاسمة .
- سادسا : بيروقراطية الكيانات السياسية العربية الممثلة للبلدان الاعضاء في جامعة الدول العربية ، يحجب عنها الرؤية لكل أفق عربي مشرق .
فبناء على هذه الحقائق الست ، و كتقييم للمجهود العربي من أجل الوحدة العربية ، يمكن القول أن جامعة الدول العربية ، منذ تأسيسها إلى الآن ، قد قامت بمجهود جبار يحسب عليها , وهو أنها قد جمعت الحكام العرب إلى كلمة سواء ، ألا و هي ، شل قدرات الشعوب العربية الخلاقة و المبدعة, لسنوت عديدة و منعها من التحرر . فقد استعملت هذه المؤسسة من طرف الاستبداد العربي ، كأداة سهلة لتكريس هيمنة الاستعمار الجديد ، و عانت الشعوب العربية من قرارات هذه المؤسسة السياسية البالية , ففي ظل الحراك و الغليان الذي تعيشه , ينبغي التفكير بجدية في إعادة النظر في أسسها و مرجعياتها و خلفياتها التشريعية و القانونية حتى تكون في مستوى تطلعات الجماهير الشعبية العربية . فهي ، في حقيقة الأمر ، لم تكن أبدا " جامعة " للدول العربية " بل كانت " مانعة " لهاته الدول , بامتياز كبير , من التطلع إلى الرقي و التقدم .
و لا ننسى ، في هذا الصدد ، أن ندعو الله ، أن يبارك هذه الثورات الشعبية العربية المجيدة ، حتى تستكمل مشوارها النضالي و تحقق أهدافها الاستراتيجية و تبعد عن الإنسان العربي المقهور شبح الظلم و الفساد و الطغيان السالب لإرادته و إنسانيته. كما ندعو أيضا، أن يكون الله في عون الأستاذ نبيل العربي ، الأمين العام الجديد ، و في عون كل مسؤول نزيه و شريف ،على تحمل هذه المسؤوليات الجسام .
- و في الأخير ، يصح القول ، بعد هذا الحراك الشعبي العربي المجيد ، أن المجتمع العربي ، كغيره من المجتمعات التي مرت من هذه المرحلة التاريخية من تطورها ، و في ظل الحتميات التاريخية التي تخضع لها كل المجتمعات ، يعيش مخاضا . فالوحدة العربية آتية لا ريب فيها ، لكن ينبغي إخضاع عوامل التحول الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و الثقافي و الفكري إلى مراقبة ذاتية و ضبط واعي، لأنه أصبح الآن مسألة ضرورية و لازمة ينبغي على منظومة العمل العربي المشترك أن تأخذها بعين الجدية و الاعتبار . فأداء جامعة الدول العربية في السنين الأخيرة الماضية ، بدءا من حروب الخليج إلى الآن ، لم يكن في مستوى مشرف للأمة العربية ، لأسباب يعلمها الجميع . فالتجارب الحميدة التي عاشتها و تعيشها سائر منظمات و تكتلات العالم تفيد أن داخل كل أزمة سياسية أو اقتصادية ، توجد قواعد ناظمة لهذا السلوك الأزموي . و ليعلم العرب ، بعد هذا كله ، أنه في خضم الأزمات و النكبات و النكسات و كل والويلات و المصيبات , تقبع ، دائما ، الإرادة الإنسانية التي لا تقهر .

 

الثورات قدر الشعوب .. فهل من معتبر ؟

الثورات قدر الشعوب .. فهل من معتبر ؟

مغرب اليوم بين طريقين ملغومين

مغرب اليوم بين طريقين ملغومين

القذافي صار مع أقرانه متآكلا

القذافي صار مع أقرانه متآكلا
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 19 فبراير 2011 الساعة: 21:37 م

      الأجساد الرئاسية العربية معظمها أصبحت متآكلة بفعل عوامل حت الزمن . فالترهل الذي أصاب الأذاة السياسية العربية , واجتاح أنظمتنا العربية ,قد أصبح مؤشرا على شيخوخة سياسية بارزة , وعلى موت سريري وشيك , بدأ يدب في جسمها السياسي.
      لقد رأينا في الأيام القليلة الماضية , أثناء اندلاع الثورتين المباركتين التونسية و المصرية , كيف كان يطلع علينا , في شاشة التلفاز , وجه الرئيس المصري المخلوع , و قبله وجه الرئيس التونسي , و نرى الآن كيف تطلع علينا وجوه رئاسية أخرى .. و جوه عبوسة و متجهمة من فرط ما أصابها من الفزع الأكبر .
     و الأن , بعد هذا كله , هل يشذ وجه القائد الليبي عن هذه القاعدة ؟ أم هل يمكن القول أن " ثورة الفاتح العظيم " هي الأخرى , أصبحت في مهب رياح ثورة التغيير ؟  
      سؤال يستمد مشروعيته من دالتين مركزيتين :
     الأولى تجسدها لنا مظاهرات شباب ليبي بدآ يستوعب الدرسين التونسي و المصري و يطالب بأشياء أرقى , لا توفر له من قبل النظام الليبي السائد . أشياء بدونها لا تكون حياة الإنسان كريمة , أشياء حياتية حرم منها المواطن الليبي منذ أزيد من أربعة عقود .  يتعلق الأمر بالديمقراطية و الحرية و العدالة الاجتماعية , مبتغى كل شعب يريد الحياة و يريد أن يستجيب القدر .  فالسماح للأصوات المتعددة بان تقول كلمتها بكل حرية ودون أية قيود , بدل الصوت الواحد الذي يدعي أنه هو الوحيد الذي يمتلك الحق في أن يقرر مصير شعب من الشعوب , أصبح الأن مطلب و مبتغى كل بيت ليبي.
    و الثانية .يجسدها لنا الوجه الرئاسي الذي ينبغي الاشتغال عليه , كمادة أنثروبولوجية دسمة :
      يقدم الاعلام المرئي الليبي الرسمي , بوعي أو بدون وعي , صورة كاريكاتورية للرئيس معمر القدافي , و ذلك من خلال التركيز على ملامح وجه رئاسي يظهر القوة و الشموخ و البأس و الشكيمة , ملامح لوجه صنمي جامد القسمات ,لكن سرعان ما تتبدد تلك المظاهر الخداعة , لتتكشف للعيون البصيرة و كأنها ملامح  لكركوز ,بشعر كثيف أشيب شديد السواد, و هيأة قزمية مضحكة . كركوز صنع لكي يجسد مسرحية هزلية مبتذلة ,أوشك أن يسدل الستار عن آخرفصل من  فصولها .
عبد الجبار الغراز 
 صحيفة " القدس العربي " اللندنية
الرابط : http://www.alqudsnewspaper.com/todaypages/qmn.pdf
أضف الى مفضلتك

جاهلية القرن الواحد و العشرين

جاهلية القرن الواحد و العشرين

كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 3 فبراير 2011 الساعة: 23:31 م


أريد أن أسجل , منذ البداية , أن ما حدث , أمس الأربعاء , في ميدان التحرير حيث يجتمع آلاف الشباب المصري في تظاهرة سلمية تطالب الرئيس المصري محمد حسني مبارك بالتنحي عن السلطة , من أعمال العنف و البلطجة التي قام بها مؤيدو الرئيس , من بوليس سري و أعضاء من الحزب الوطني الحاكم , يعتبر جريمة نكراء يستنكرها كل ضمير إنساني حي . جريمة يمكن نعتهها بأنها جاهلية القرن الواحد و العشرين مورست ضد أشخاص عزل لم يقترفوا أي ذنب سوى أنهم طالبوا بتغيير سياسي على أرضهم يعيد لهم كرامتهم التي اغتصبت منذ ثلاثة عقود .
لقد كنت أتابع على الشاشة الصغيرة , بفخر و اعتزاز , كأي مواطن عربي يحمل هم التغيير و يؤمن بالحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية , وعيناي مشدوهتان إلى هاته النخبة الشبابية المباركة التي حطمت كل الحواجز و كل الموانع و تخلصت من عقدة الخوف التي كانت تحجب عنها الرؤية الواضحة للأمور التي تعنيها , و تفجرت فجأة طاقتها الكامنة فيها مستلهمة ما جرى في تونس من مواجهة للظلم و الاستبداد . و كنت أدعو الله , في سري و في علني , أن يحفظ هذه الانتفاظة الشعبية المباركة التي حدثت في مصر , من كل مكروه , متمنيا لها النجاح لتحقيق ما كانت تصبو إليه من تطور و ازدهار و ارتقاء حضاري . فمصر بالنسبة لي كانت هي ذلك البلد المحوري الذي كانت تدور في فلكه كل شعوبنا العربية , فهي البلد الرمز الذي كان يصبو , زمان الثورة الناصرية , إلى الانعتاق و الحرية و الازدهار .
تعيش الانتفاضة المصرية المباركة ضد النظام السياسي الحالي يومها العاشر , و الرئيس حسني مبارك ما يزال مصرا على تشبته بالحكم رغم التظاهرة المليونية التي نظمت الثلاثاء المنصرم و التي أعطت إشارة واضحة لهذا النظام المباركي المتعنث , أنه غير مرغوب فيه من قبل أطياف واسعة من الشباب المصري .
الشارع المصري يرسل , عبر انتفاظته السلمية , رسالة مباشرة للرئيس المصري, و أيضا لباقي حكام العرب , الذين لم يستوعبوا جيدا الدروس و العبر التي تقدمها هذه الانتفاظة الشبابية المبهرة و مفادها أن الدول و الأمم تتأسس و تتقوى بشعوبها و ليس بحكامها . و أن مصدر السلطات هو الشعب . فالديمقراطية الحقيقية هي حكم الشعب لنفسه , و ليس بهذه البلطجة وهذه الثورة المضادة التي شاهدناها أمس , و التي أشعل نار فتنتها أشخاص مجهولون , محسوبون على النظام , كانوا يسعون إلى تفريق الجموع الغفيرة المرابطة في ميدان التحرير , بالعصي و السكاكين و السيوف .
لقد قدم الشعب المصري الأبي , خلال عشرة أيام من المظاهرات أصدق مثال , قل نظيره في ايامنا هذه , عن الانضباط و التحلي بروح المسؤولية العالية , و ذلك من خلال تشكيل الشباب المتظاهر للجان شعبية مهمتها تقديم المساعدات و تنظيم حركات المرور في الشوارع و في الطرقات . فكم هو عجيب و كم هو غريب أن ترى شياب مثقل بهمومه و أوضاعه المزرية التي تسببت فيها سياسات غير مدروسة , يستجيب بشكل عفوي , للتعاون مع أجهزة الشرطة في تنظيم إيقاعات المرور . شيء جميل جدا أن نرى و أن نسمع عن هذا التنطيم الراقي لهؤلاء للشباب . لكن , و يا للأسف , نراه يقابل بالبلطجة و التخويف لتفويت الفرصة عليه في أن يستنشق عبير الحرية و الكرامة و الاتصاف و العدل . إنه لشيء مخجل أن يشاهد العالم هذا الذي جرى اأمس في ميدان التحرير , بعد أتسجيله انطباعات جد ايجابية تحسب لصالح الشارع المصري .
تستبد بي أسئلة عفوية , بعد هذا الذي شاهدته من عنف و عتف مضاد , و أريد أن أطرحها وهي كالتالي : ألآ يستحق مثل هذا الشباب الراقي في سلوكه , أن يقود المرحلة الحالية نحو مصر المستقبل : مصر الجديدة ؟؟؟ أليست مصر في حاجة إلى هؤلاء الشباب الذين برهنوا للعرب وللعالم أجمع , أنهم رجال و نساء هذه المرحلة . برهنوا أن التغيير لا يمكن أن يكون إلا جذريا . ذلك التغيير السياسي الراديكالي الذي سيخلخل كل التوابث و كل الأركان التي أقيم عليها صرح مجتمعي , منذ عقود خلت , كانت تفوح منه روائح العفن و النتانة ؟؟؟ إن هذا الشباب المصري المتظاهر الذي حافظ على ممتلكات بلده في هذه الأوقات العصيبة , من خلال تشكيله للجان شعبية, والتي تتبعنا تنسيقاتها العالية فيما بينها , هو الذي يستحق أن يكون لديه كامل الحق في امتلاك المشروعية في ترتيب الأوضاع في مصر المحروسة بعد رحيل و ترك حسن مبارك للسلطة , و لا يمكن , في كل الأحوال , مقارنته بتلك الشرذمة التي حاولت خنق و إسكات صوته بقوة الحديد و النار .
فالاعتداء على المتظاهرين من طرف شرطة نزعت زيها الرسمي و لبست لباسا مدنيا , مستعينة بالجمال و بالأسلحة البيضاء لتفريق المظاهرات وقمع حركة تحرير الشعب المصري , قد ساهم , بشكل كبير , في إسقاط مشروعية حسني مبارك باعتباره رئيس دولة و تدنت , بفعل هذا العمل الذي يمكن نعته بجاهلية القرن الواحد و العشرين, قيمته في أعين شعبه و في أعين العالم بأسره , و أصبح نظامه, بعد كل هذه البلطجية الممنهجة, نظاما متآكلا .
أما هذه الانتفاظة الشعبية المصرية فهي تعتبر في نظر الكثير من المتتبعين من أعظم الثورات الخلاقة في التاريخ المعاصر , لأنها حاولت , من خلال عفويتها , تجاوز الأنماط التقليدية التي عرفتها ثورات العالم .
فمثل هؤلاء الشباب الواعد لن يقبل أن تمرر عليه هكذا إصلاحات و ترميمات سياسية جزئية لا تمس البنيات الراكدة في عمقها , لأنها تغييرات سياسية توهم أكثر مما تقدم حلولا حقيقية للمشكلات و للمعضلات التي يعاني منها المجتمع المصري . فمظاهرات شباب مصر , لا تنادي بالاصلاح و الترميم , بل هي مظاهرات تطالب باستراتيجية جديدة في إدارة الحكم ,لم يعد يستوعبها نظام حسني مبارك , لأن رؤيته في إدارة الأمور السياسية للبلد لم تعد تنسجم و التطلعات المستقبلية لهؤلاء الشباب المتظاهر , فدعوة المجتمع الدولي له إلى تسريع انتقال سلمي للسلطة , يكشف بوضوح أن هذا النظام أصبح الأن عبئا ثقيلا على الشعب المصري . فما على الرئيس إلا الاستجابة لمطالب شعبه و الرحيل اليوم قبل الغد .
عبد الجبار الغراز
المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية و الاقتصادية
الرابط : http://www.democraticac.com/ar/2010-01-19-15-02-05/5559-2011-02-05-16-56-26

الفتح الويكسيليكسي المبين

كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 18 ديسمبر 2010 الساعة: 03:49 ص


الفتح الويكسيليكسي المبين !
عبد الجبار الغراز
لن تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية و معها الغرب الرأسمالي , بعد التسريبات التي طالت وزارة خارجيتها أن تسكت صوت الحق حينما يصيح عاليا معلنا عهدا جديدا قد بدأت ملامحه تظهر:عهد الويكيليكس ؟
فلقد عشنا , نحن العرب , عبر تداعيات تسريبات موقع ويكيلييكس لحظات غريبة و رهيبة : غريبة لأنها جعلت رجل الشارع العربي يعيد النظر في كل ما يقدم إليه من أشياء على أساس أنها حقائق لا غبار عليها . و رهيبة لأنها خلخلت كل الثوابت و قوضت كل الأركان التي تثبت عليها تلك الحقائق . لقد كانت أعيننا مشدوهة أمام هذا الفتح العظيم لقلاع حصينة و محصنة ولبروج مشيدة عالية كانت عسيرة الاختراق , سرعان ما رأيناها تنهار الواحدة تلو الأخرى .
عهد" الويكيليكس " هو زمن التعرية لكل مخابئ خفافيش الظلام , زمن الكشف عن كل مستور قد اختار له مأمنا في الدهاليز و الأرشيفات , زمن تسليط الضوء على كل صغيرة و كل كبيرة من فضائح و أسرار عالم غارق حتى الأذنين في مستنقع الظلم و الفساد , زمن فقد بوصلته الأخلاقية و لم يعد قادرا سوى على إنتاج قيم سالبة لروحه و جوهر كيانه . الويكيليكس زمن لانهيار ثوابت الحكومات و الأنظمة الفاسدة و انكشاف لدسائسها و مكرها و جبروتها الخفي . زمن للفضح و المكاشفة , زمن لتجلي الحقائق و تبديد الأوهام الزائفة .
عهد" الويكيليكس , إذن , زمن مبشر , و في نفس الوقت , زمن منذر: مبشر لأنه بشر بهبوب رياح التغيير نحو ميلاد أمم جديدة ترفع عن نفسها ظلم الظالمين . انقلاب السحر على الساحر هذا الذي تقدمه لنا تسريبات الويكيليكس أظهر الدول الغربية العريقة في الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان على أنها مجرد دول استعمارية مؤلفة من غزاة جدد للعالم في ثوب حضاري شفاف . فالغرب الرأسمالي لا يوظف الديمقراطية في مداها البعيد إلا حينما يريد أن يسقط تبعات عدم تطبيقها على بلد مستضعف للتنكيل به أمام العالم و إظهاره على على أنه بلد فاسد و غارق في بحور الديكتاتورية مثل ما حدث مع العراق سابقا ومع ايران مستقبلا. الديمقراطية , في رٍأي هذا الغرب المتبجح , هي سلاح لا ينبغي أن تمتلكه الشعوب المغلوبة على أمرها , إذ تكفيها فقط ديمقراطية الواجهة لتلميع صورتها الرديئة , لتكريس جدلية السيد و العبد و ترسيخها و تثبيتها في لاوعيها الجمعي لتخضع لها الاجيال القادمة و تتقبلها على أنها قدر لا مفر منه , و شر مستطير لا يستطيع أحد درئه .
كما أنه زمن منذر لأنه أنذر بسقوط أقنعة الاستعمار الجديد الذي برزت ملامحه الأولية مع بزوغ أول خيوط فجر العولمة الاقتصادية و السياسية منذ تسعينيات القرن العشرين إلى الآن . حين دقت , باسم الحرية العمياء و باسم الديمقراطية الجوفاء, طبول الحرب واشتعلت , باسم كل مبدأ إنساني سمح , نار الفتن و حمي وطيسها , وأعلن السيد الجديد نيته إرساء عالم جديد أساسه محاربة كل متصد لهذا الزحف المعولم , ولهذا النصر المبين للرأسمالية المتوحشة على الأنظمة الشمولية . فباسم محاربة الشر انقسم العالم إلى مؤيد و معارض لهذه الرأسمالية . و تزاحمت فلول الأنظمة المتآكلة و جرت في سباق محموم للوصول للخطوط المرسومة المؤطرة لبر الأمان والفوز برضا الحاكم الجديد . فالذي يستطيع الوصول إلى تقبيل الأعتاب و تمريغ جسد أمته في أوحال الديون و القروض هو الذي سيكسب الرهان الجديد .. رهان السلم و المسالمة . و عاشت الأمم المستضعفة عهدا من الاحتضار تجتر معها قيود الذل و الهوان و ذاقت طعم الجهالة و الاستبداد , تنتظر الحلول السحرية و المنقذ من الضلال .
ولقد عشنا مشاهد درامية عربية حينما رأينا كيف تساقطت أوراق التوت عن أنظمتنا السياسية العربية" المجيدة" و بانت لكل العيان عوراتها, و تجلت حقيقتها وظهرت في صورتها القاتمة وأظهرت وجهها الحقيقي البشع . فقد كانت , في غفلة من شعوبها , تكيل لبعضها البعض الدسائس والمكائد , تقربا و تزلفا من أولياء نعمها من الأمريكان و اليهود الصهاينة و دول الغرب . فلم يعد لها , بعد هذا كله , أية مصداقية و أية مشروعية في القيادة و حمل الأمانة الملقاة على عاتقها .
عهد الويكيليكس زمن طفت على سطحه , بامتياز كبير جدا , أوجه الدناءة و المكر و الخداع المتعددة . زمن دق ناقوس الخطر معلنا ذهاب ريح أنظمتنا العربية , تدريجيا , و بداية انقراض فصيلتها السياسية التي تنتمي إليها , إذا لم تلتحم هذه الأنظمة بقضايا أممها و شعوبها .
تسريبات الويكيليكس هي أيضا رسائل تحذير لشعوبنا المستضعفة لكي تستجمع طاقتها و تنهض من جديد لترفع عنها ظلم الظالمين وجور المسؤولين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد . لقد انهار سقف الكيانات السياسية العربية فوق رؤوس حكامها العرب , و أصبح موقع أسانج يحظى بإعجاب الشعوب العربية . فهو على الأقل قد نزع أوراق التوت عن هؤلاء الساسة العرب الذين كانوا يزرعون في الخفاء بذور الفتنة و الدسائس الطائفية , تمهيدا لاستئساد إسرائيل على كافة المنطقة العربية , و حفاظا على مواقعها و مراكزها الحساسة .
فإذا كان المواطن العربي قد راهن حياته لدى الحاكم , بالرغيف اليومي , إذ نراه يشقى و يتعب في سبيل توفيره لعياله , فإنه في العهد الجديد عهد الويكيليكس , مدعو إلى أن يتجاوز هذا الإطار البهائمي و الغرائزي المرسوم له , ويعيد النظر في أساسياته الحياتية و يدقق حساباته مع أولي الأمر من الساسة و الحكام و كافة المسؤولين الحكوميين , لكسب الرهان , الذي يتجلى في انتزاعه الحق في خلق تاريخ جديد أساسه صيانة الكرامات و حفظ الحقوق . و لن يتأتى له ذلك إلا بالتسلح بالعلم و المعرفة و امتلاك ناصيتيهما , و التحرر من كل استيلاب فكري و جمود عقائدي .