العرب و البنية الانغلاقية لعقلهم السياسي
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 9 نوفمبر 2009 الساعة: 15:18 م
عبد الجبار الغراز
- هل صحيح ما يقال عن العقل السياسي العربي أنه
أصبح فاقدا للأهلية السياسية في تسيير شؤون البلاد العربية و عبادها
؟
- و هل فعلا أصبح يعيش أزمة هوية سياسية جعلته في
السنوات القليلة الماضية , و بالضبط بعد الحرب الأخيرة على غزة الحبيبة , يدور في
حلقة مفرغة أفقدته القدرة على خلق توازنه الذاتي , ذلك التوازن الذي يجعله يقيم
مدخلاته و مخرجاته تقييما عقلانيا يتسم بطابع الانفتاح على الجديد من الأساليب و
المبتكرات في مجال السياسة , ذلك الفن الممكن ؟
- و هل أصبح , بالتالي , يعيش أزمة إنتاج للأفكار
السياسية الجديدة النابعة من قيمه السياسية و الاجتماعية و الثقافية المتأصلة فيه
عبر الزمن , المتفاعلة تفاعلا إيجابيا مع مستجدات محيطه الجيوسياسي و الاستراتيجي
الإقليمي ؟
- وهل صحيح أنه قد أصبح من السهل , أمام هذا التردي
المزري الذي تعيشه الأمة العربية , على جميع الأصعدة , و أمام الغطرسة الصهيونية و
تكالب الغرب الرأسمالي الغاشم , الحكم عليه , من زمان بعيد , بالموت السياسي , وأن
ما نراه الآن , من كيانات سياسية متفرقة في الرقعة الجغرافية العربية , ليس سوى
مجرد " بقايا وظيفية " Survivances fonctionnelle
لجسم سياسي و حضاري فقد روحه و جوهره و كينونته السياسية منذ زمان
بعيد ؟
أسئلة تفرض نفسها على كل متأمل للمشهد
السياسي العربي الراهن . و تقض مضجع كل عربي حينما يرى , بعين الحسرة , واقعا عربيا
سياسيا مزريا , يعيش الانحطاط المتمثل في سلوكه السياسي وفي رؤيته للماضي و الحاضر
و المستقبل و في تعامله الانتقائي مع قضايانا العربية المصيرية ذات البعد الحضاري و
الكوني .
نود أن نطلب من الذينلا يشاطروننا
هذه الفكرة , أن يوضحوا لنا لماذا لم يبتكر هذا العقل السياسي العربي , بعد "
انعتاقه " من هيمنة العقل الاستعماري منذ عقود خلت , أساليب جديدة تتعامل مع مختلف
الجبهات الداخلية و الخارجية بنوع من المرونة السياسية في حل المعضلات التي خلفتها
الحرب الباردة, و أولها القضية الفلسطينية , دون الخروج , طبعا , عن الثوابت و
المبادئ العامة التي تميزه كعقل له خصوصياته الذهنية و مرجعياته المجتمعية و
الفكرية و الأخلاقية و الحضارية ؟
صحيح القول , أنه ليس من السهل على كل كيان سياسي ,
في مجتمع دولي تسود فيه التكتلات الإقليمية , الاندماج الفاعل و الفعال في الأسرة
الدولية , إذا كان يبتغي من وراء العمل السياسي , الذي بواسطته يضمن استقراره و
القضاء على مختلف التوترات التي تود أن تعصف به , الانفراد بالقرارات الحاسمة
الموجهة للبلاد نحو وجهة معينة قد لا تراعي الحد الأدنى للمصالح الاقتصادية
الإقليمية المشتركة بينها و بين البلدان الشقيقة التي تجمع بينهم روابط الدم و
اللغة و التاريخ و الثقافة و الحضارة .
لكن .. و بالرغم من كل ذلك , لا ينبغي التمادي
المطلق في الحكم على عقلنا السياسي العربي بهذا الحكم القاسي . فإذا كان حكامنا
العرب , الميتون منهم و الأحياء , الذين تعايشوا , بشكل أو بآخر , مع وضعيات الحرب
الباردة , بشكل متفاوت , كل حسب فلسفته السياسية المستمدة من نظرته للتاريخ و
الوجود العربيين , قد قادوا أوطانهم و شعوبهم نحو وجهات مختلفة معينة , اعتقدوا
أنها الأسلم في أن ترسو سفينة التطور و التنمية نحو بر الأمان , فإننا نعول , بشكل
كبير, على حكامنا العرب الشباب . ففي جعبتهم الكثير من الإبداع السياسي كي ينهضوا
بالأمة العربية و يحاولوا أن يفرضوا وجودهم على الغرب و على إسرائيل بالذات ,
ويخلقوا لأنفسهم و لبلدانهم و شعوبهم موطئ قدم صلبة, في عالم بدأ , منذ تسعينيات
القرن المنصرم , يرسم خارطة جديدة أساسها قوة العلم و قوة الاقتصاد المعولم , والتي
على أساسها , يؤسس خطابه السياسي .
لكن .. هل يتأتى لهم تحقيق ذلك , بأدوات سياسية جد
عتيقة , في ظل الواقع العربي الحالي الذي يتسم بالتشرذم و التبعثر السياسي الفاقد
للبوصلة الموجهة لكل تيهان سياسي ممكن , و الفاقد لسداد الرأي السياسي الرشيد
المذيب للخلافات المشتتة لكل جهد جماعي ساع نحو تكتل حقيقي مبني على قاعدة متينة
للمصالح المشتركة ؟
ينبغي إذن , السعي نحو خلق إرادة سياسية تروم
التخلص من الإرث السياسي الكبير الذي خلفه أسلافهم من الحكام العرب , و الذي تأسس
على خلفية الصراع بين الأيديولوجيات و العقائديات السياسية الكبرى التي فرضها
المجتمع الدولي بعد خروج الدول العظمى من الحرب الكونية الثانية و إعلان بداية
الحرب الباردة من الخمسينيات من القرن العشرين .
أليس لكل مقام ترتيباته و تداعياته و مقالاته ؟ فهذا
هو جوهر الإبداع لكل أداة سياسية طموحة تريد أن تخرج العقل السياسي العربي من بنيته
الانغلاقية الجامدة التي بات يتسم بها .
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 9 نوفمبر 2009 الساعة: 15:18 م
عبد الجبار الغراز
- هل صحيح ما يقال عن العقل السياسي العربي أنه
أصبح فاقدا للأهلية السياسية في تسيير شؤون البلاد العربية و عبادها
؟
- و هل فعلا أصبح يعيش أزمة هوية سياسية جعلته في
السنوات القليلة الماضية , و بالضبط بعد الحرب الأخيرة على غزة الحبيبة , يدور في
حلقة مفرغة أفقدته القدرة على خلق توازنه الذاتي , ذلك التوازن الذي يجعله يقيم
مدخلاته و مخرجاته تقييما عقلانيا يتسم بطابع الانفتاح على الجديد من الأساليب و
المبتكرات في مجال السياسة , ذلك الفن الممكن ؟
- و هل أصبح , بالتالي , يعيش أزمة إنتاج للأفكار
السياسية الجديدة النابعة من قيمه السياسية و الاجتماعية و الثقافية المتأصلة فيه
عبر الزمن , المتفاعلة تفاعلا إيجابيا مع مستجدات محيطه الجيوسياسي و الاستراتيجي
الإقليمي ؟
- وهل صحيح أنه قد أصبح من السهل , أمام هذا التردي
المزري الذي تعيشه الأمة العربية , على جميع الأصعدة , و أمام الغطرسة الصهيونية و
تكالب الغرب الرأسمالي الغاشم , الحكم عليه , من زمان بعيد , بالموت السياسي , وأن
ما نراه الآن , من كيانات سياسية متفرقة في الرقعة الجغرافية العربية , ليس سوى
مجرد " بقايا وظيفية " Survivances fonctionnelle
لجسم سياسي و حضاري فقد روحه و جوهره و كينونته السياسية منذ زمان
بعيد ؟
أسئلة تفرض نفسها على كل متأمل للمشهد
السياسي العربي الراهن . و تقض مضجع كل عربي حينما يرى , بعين الحسرة , واقعا عربيا
سياسيا مزريا , يعيش الانحطاط المتمثل في سلوكه السياسي وفي رؤيته للماضي و الحاضر
و المستقبل و في تعامله الانتقائي مع قضايانا العربية المصيرية ذات البعد الحضاري و
الكوني .
نود أن نطلب من الذينلا يشاطروننا
هذه الفكرة , أن يوضحوا لنا لماذا لم يبتكر هذا العقل السياسي العربي , بعد "
انعتاقه " من هيمنة العقل الاستعماري منذ عقود خلت , أساليب جديدة تتعامل مع مختلف
الجبهات الداخلية و الخارجية بنوع من المرونة السياسية في حل المعضلات التي خلفتها
الحرب الباردة, و أولها القضية الفلسطينية , دون الخروج , طبعا , عن الثوابت و
المبادئ العامة التي تميزه كعقل له خصوصياته الذهنية و مرجعياته المجتمعية و
الفكرية و الأخلاقية و الحضارية ؟
صحيح القول , أنه ليس من السهل على كل كيان سياسي ,
في مجتمع دولي تسود فيه التكتلات الإقليمية , الاندماج الفاعل و الفعال في الأسرة
الدولية , إذا كان يبتغي من وراء العمل السياسي , الذي بواسطته يضمن استقراره و
القضاء على مختلف التوترات التي تود أن تعصف به , الانفراد بالقرارات الحاسمة
الموجهة للبلاد نحو وجهة معينة قد لا تراعي الحد الأدنى للمصالح الاقتصادية
الإقليمية المشتركة بينها و بين البلدان الشقيقة التي تجمع بينهم روابط الدم و
اللغة و التاريخ و الثقافة و الحضارة .
لكن .. و بالرغم من كل ذلك , لا ينبغي التمادي
المطلق في الحكم على عقلنا السياسي العربي بهذا الحكم القاسي . فإذا كان حكامنا
العرب , الميتون منهم و الأحياء , الذين تعايشوا , بشكل أو بآخر , مع وضعيات الحرب
الباردة , بشكل متفاوت , كل حسب فلسفته السياسية المستمدة من نظرته للتاريخ و
الوجود العربيين , قد قادوا أوطانهم و شعوبهم نحو وجهات مختلفة معينة , اعتقدوا
أنها الأسلم في أن ترسو سفينة التطور و التنمية نحو بر الأمان , فإننا نعول , بشكل
كبير, على حكامنا العرب الشباب . ففي جعبتهم الكثير من الإبداع السياسي كي ينهضوا
بالأمة العربية و يحاولوا أن يفرضوا وجودهم على الغرب و على إسرائيل بالذات ,
ويخلقوا لأنفسهم و لبلدانهم و شعوبهم موطئ قدم صلبة, في عالم بدأ , منذ تسعينيات
القرن المنصرم , يرسم خارطة جديدة أساسها قوة العلم و قوة الاقتصاد المعولم , والتي
على أساسها , يؤسس خطابه السياسي .
لكن .. هل يتأتى لهم تحقيق ذلك , بأدوات سياسية جد
عتيقة , في ظل الواقع العربي الحالي الذي يتسم بالتشرذم و التبعثر السياسي الفاقد
للبوصلة الموجهة لكل تيهان سياسي ممكن , و الفاقد لسداد الرأي السياسي الرشيد
المذيب للخلافات المشتتة لكل جهد جماعي ساع نحو تكتل حقيقي مبني على قاعدة متينة
للمصالح المشتركة ؟
ينبغي إذن , السعي نحو خلق إرادة سياسية تروم
التخلص من الإرث السياسي الكبير الذي خلفه أسلافهم من الحكام العرب , و الذي تأسس
على خلفية الصراع بين الأيديولوجيات و العقائديات السياسية الكبرى التي فرضها
المجتمع الدولي بعد خروج الدول العظمى من الحرب الكونية الثانية و إعلان بداية
الحرب الباردة من الخمسينيات من القرن العشرين .
أليس لكل مقام ترتيباته و تداعياته و مقالاته ؟ فهذا
هو جوهر الإبداع لكل أداة سياسية طموحة تريد أن تخرج العقل السياسي العربي من بنيته
الانغلاقية الجامدة التي بات يتسم بها .
إن مشكل المجتمعات العربية عموما هو إعتقادها أنها تخلصت من الاستعمار برهيل جحافل الجيوش عن البلاد العربية، في حين أن المستعمرين لما رحلوا عن الديار العربية إنما سلموا المفاتيح لابنائهم وورثتهم الذين يعرفون في شمال إفريقيا بالمتفرنسين، هولاء الذين ربطوا مصيرهم بمصير فرنسا سنوا دساتير قننت ما عجزت جيوش فرنسا عن تحقيقه!
ردحذفوأستحظر وانا اخط هذه الكلمات برنامجا بعنوان "الجزائر والحرب الخفية" من إعداد القسم العربي لهيئة الاداعة البريطانية قال فيه أحد الظيوف وهو صيدلاني "بأن فرنسا تركت الجزائر، لكنها لم تحمل معها أبناءها " .
وما ينطبق على الدول التي إستعمرتها فرنسا ينطبق على الدول التي خضعت للاستعمار البريطاني.