مأزق المنظومات التربوية العربية
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 5 فبراير 2010 الساعة: 12:02 م
مأزق المنظومات التربوية
العربية
المنظومة التربوية المغربية
نموذجا
بقلم : ذ عبد الجبار الغراز
لقد تأثرت المنظومة
المجتمعيةالمغربية, تأثيرا سلبيا, كغيرها
من المنظومات المجتمعية العربية
الأخرى, أوائل القرن الماضي,
بصدمةالحداثة. الشيء
الذيانعكس , سلبا , على بنياتها ,
المتسمة بالثبات , انعكاسا جعل المشهد التربوي المغربي يفرزتعايش نمطين مختلفين من أنماط التربية : نمط تقليدي و آخر
عصري . فهي بفعل ذالك, تضع , في
نظرنا , الخطاب الابستيمولوجي التعليمي العالم ( بكسر اللام ) في مأزق
منهجي عندما نراه يختزل الظاهرة
التعليمية المغربية في بعد أحادي الجانب . وذلك من خلال النظر إليها
كوحدةمتجانسة وظيفيا, و مستقلة, على
مستوى التحليل, عن باقي الوحدات الأخرى. ويكتفي , بالتالي ,
بتحليل المكونات والعناصر الداخلية التي تتحكم في الفعل التعلمي –التعليمي , وكأن
المشكل , في أساسه مشكل بيداغوجي أو ديداكتيكي محض . في حين نرى
أن المشكل أعمق من أن يرد إلى خلل وظيفي
في البنية التعليمية – التعلمية . فهذهالأخيرة , مرتبطة بنيويا , بمنظومتها العامة التي تتحكم فيها
: يتعلق الأمربارتباطها بالمنظومة
التربوية العامة التي تشكلت , منذ زمن طويل , في المجتمع المغربي
وأصبحت المتغير المستقل لكل منظومة
فرعية . وبناء عليه , نطرح التساؤل الإشكالي التالي :
هل يمكن تفسير الآليات التي
تشتغل عليها المنظومة التعليمية المغربية بمعزل عن الحديث , بشكل أساسي , عن الخطاب التربوي الذي تنتجه
الأسرة المغربية ؟ و هل يمكن الحديث أيضا , عن الخلل الذي نراه في العملية
التعليمية – التعلمية , التي تحدث داخل الفصول الدراسية , دون الرجوع إلى
تفكيك للخطاب الإعلامي , الذي بدأ ينافس , إيديولوجيا , و معرفيا , و
تربويا , خطاب المدرسة وخطاب الأسرة التربويين ؟؟؟
فأمام غياب , شبه كلي ,
للدراسات الميدانية المبنية على ا لقياسات الكمية الإحصائية و القياسات الكيفية , الكاشفة للمتغيرات
المستقلة و المتغيراتالتابعة . وأيضا ,
أمام غلبة البعد التنظيري الذي تتسم به المسألة التربوية بالمغرب يجعلنا نقر
أن الموقف السوسيولوجي التربوي هو موقف يتمتع بمصداقية نظرية و منهجية و
ميدانية , لا ينافسه عليها أحد . لأنه
يأخذ بعين الاعتبار , الظاهرة التربوية في شموليتها و أبعادها المتعددة . فالظاهرة
التربوية, في نظره هي ظاهرة اقتصادية و اجتماعية متأثرة بالهندسة التاريخية و
الجغرافية و كيفية تشكيل الوعي للشخص La personne كقيمة و معطى فلسفي
غير جاهز .
فما كتب ويكتب في المجلات التربوية المتخصصة و ملاحق
التربوية بالجرائد الوطنية و كذا الكتب ذات المنحى و التوجه التربويين , لا يقوم سوى بدور ثانوي و تكميلي
مؤداه تحديد إمكانيات نسق تربوي أو جمع
معطيات ناقصة تساعد الدارس في تحديد شروط معينة , أو تحليل الظاهرة التربوية المدروسة من زاوية معينة دون أخرى . في حين
ينبغي أن ينصب الجهد التربوي , المعتمد على دراسات ميدانية , على تحليل مختلف
تمظهرات العلاقة بين البنية المجتمعية و المدرسة الابتدائية المغربية . فما تفرزه
هذه الأخيرة من ظواهر لا تشجع الناشئة على التمدرس و تلقي الدرس و التحصيل , كالهذر
المدرسي , و الفشل الدراسي و الانحطاط في مستوى تلقي الدرس و التحصيل , خاصة في
صفوف الذكور , ما هو إلا نتيجة للتباعد الحاصل بين بنية المجتمعية الممثلة من قبل
الأسرة و البيت و المدرسة الابتدائية , و التي ساهم الإعلام الوطني و العربي , غير
الهادف , في تعميق الهوة السحيقة بينهما .
لقد لجم المغرب, كسائر البلدان
المستعمرة, نفسه باتفاقيات ومعاهدات
رسمية. وربط على إثرها, مجالاته الحيوية , والفاعلة , كالاقتصاد و السياسة و
الثقافة , بمصالح الغرب المستعمر . وإلى جانب ذاك , نراه , وبشكل
مفارق , منشدا انشدادا قويا , ثقافيا, و إيديولوجيا , إلى بنياته
التقليدية العميقة الموروثة عبر حقب
زمنية . . فأمام هذه الوضعية الصعبة , يجد المغرب نفسه الآن , مطالب
حضاريا , أن يحسم , وبسرعة , في تحديات
العولمة بجميع أشكالها وتلاوينها , التي يفرضها عليه محيطه الجيواقتصادي و الجيوسياسي التابع للدوائر
الرأسمالية الليبرالية الغربية. فما يحتاجه المغرب ليس رفض العولمة أو قبولها, ولكن ما يحتاجه هو بناء
الذات القادرة على الإبداع , والاستثمار
العقلاني لإمكانياته المتاحة من أجل التعامل مع الآخر تعاملا حضاريا بعيدا عن
الاستلاب الذهني .فالتوجيهات التي يقدمها
البنك الدولي له, بين حين و آخر, هي مجرد " توجيهات تقنية" حول كيفية تأهيل المورد
البشري, كعنصر من عناصر التنمية و الاستقرار السياسي و المجتمعي.
فتسهيل اندماج المغرب في الأسواق العالمية يتطلب منه تأهيل أطر لها
كفايات تكون رهن إشارة الشركات العابرة للقارات .
كيف يمكن , إذن , و الحالة هذه , تكييف النظام التربوي مع
النظام الاقتصادي دون إصلاح للإطار الإداري الممخزن , وإصلاح الماكر واقتصادي ؟ كيف يمكن تحقيق هذه
التوجهات في ظل التأرجحات في اختيارات
متعارضة بين الفرانكفونية الثقافية ذات النفوذ على مراكزالقرار السياسي والاقتصادي , وبين منطق الهوية و الخصوصية
المغربية ؟ كيف السبيل إلى تحقيق ذلك في
ظل تجربة ديمقراطية تبحث لنفسها عن موطئ قدم صلبة ؟ ف" إذا لم تكن هناك
ديمقراطية حقيقية , يقول المهدي المنجرة , و إذا لم
يكن هناك برلمان يحترم , وله مصداقية في أخد القرار , تبقى الأشياء
كلها مسألة خبراء و مسألة تقنيات لا تتعلق بالأولويات"
وهكذا
, وبناء على هذه الحيثيات , فقد سعى المغرب , جادا , منذ بداية
التسعينيات من القرن الماضي إلى الآن , نحو خلق توافقات شبه مجتمعية بين
مختلف أطيافه وحساسياته السياسية
والاقتصادية والاجتماعية وذلك, حول بلورة منظومة شمولية تأخذ بعين الاعتبار, المنظومة التعليمية , لمواجهة هذه
التحديات . وقد تمخض عن ذلك ,بشكل خاص,
إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين . و نهج سياسة تكرس ثقافة
حقوق الإنسان (خاصة حقوق الطفل و حقوق
المرأة ) وإقرار مدونة للأسرة, كخطوة أولية نحو تطبيق دولة الحق والقانون وتكريس السلوك والنهج
الديمقراطيين. كما سعى أيضا,
إلى تبني منظومة إصلاحية وضعت الإنسان المغربي
كمورد بشري هام , انطلاقا من التفكيرفي
إيجاد أنجع الوسائل المساعدة على تنمية و إبراز قدراته الإبداعية ومواهبه
المتعددة حتى يتكيف , بشكل إيجابي, مع
محيطه القريب و البعيد , ويكون قادرا على العطاء و الإنتاج الخلاق . على
ضوء هذا التوجه العام لأصحاب القرار
السياسي بالمغرب, وبعد مرور سنوات على تطبيق الميثاق الوطني للتربة و التكوين, وبعدما شاهدناه من تعثرات في تنفيذ بعض
بنوده و دعاماته الأساسية, و انتهاج مخطط
استعجالي يروم تدارك ما فات و سد الثغرات التي شخصها تقرير المجلس الأعلى للتعليم
الأول , يمكن طرح تساؤلات.عديدة , وهي على الشكل
التالي : هل مفهوم التربية, كممارسة واقعية و المتجسدة ضمن مؤسسات
معينة, كالأسرة, المدرسة, الإعلام… قادرة
, في شكلها الحالي , وفي موازاة مع هذه التوجهات , سالفة الذكر , على خلق شروط موضوعية وذاتية للطفل
المغربي , وتأهيله تأهيلا صحيحا حتى يكون
في المستوى المطلوب , أم هي مجرد أنماط جاهزة و مستعارة , ومستهلكة الغرض
منها هو صناعة مجتمع عصري , في الظاهر , وتقليدي حتى النخاع ,
فيالعمق , يعيد إنتاج نفس المنظومات
السابقة , لكن بأشكال مختلفة تمويهية للأنظاروالألباب ؟ .. بتعبير آخر , هل الخطاب التربوي المغربي استطاع
,أو على الأقل سيستطيع في السنوات
القليلة القادمة , تأهيل المنظومة المجتمعية , و ذلك من خلال إنتاج بنية فكرية مقاومة لميكانزمات مضادة لها , تبعد الإنسان
المغربي عن دائرةالتخلف الفكري , والتالي
التخلف الاقتصادي الذي يعيشه ؟
صحيح أنه, لا يمكن إنكار الوقائع التي
تقر أن المغرب قد عاش, منذالاستقلال, في
مخاض وفي صراع وجودي مع مخلفات هذه الوضعية. و صحيح أيضا, أنه قد عاش
فترة الانجذاب القوي للماضي وما يكتنفها
من حقائق وأوهام , وفترة التطلع للمستقبل المجهول , وما نتج عن ذلك من تفكك تدريجي للمنظومة التربوية
المنبنية على سلطة الأب, و تراجع ملحوظ
لبعض الأشكال التقليدية في تربية الأبناء , لصالح منظومة تربوية استمدت وجودها من النموذج الحداثي الغربي الليبرالي ,.
فغدت الأسرة نووية بعد أن كانت ممتدة.
وطفت على سطح العلاقات الاجتماعية, هوامش من الحرية في طريقة تربية الأبناء و تدبير الشأن الأسري. إذ على إثر ذلك تقلصت
المسافات بين الراشد و بين
الطفل . لكن مانلاحظه , في
الوقت الراهن, هو هذا التأرجح في اختيار المجتمع المغربي لصيغ
تربوية"غير مهضومة" أملتها ظروف هذا
العصر المتميز بالسرعة في التطور و التحول , خاصة على المستوى الإعلامي و المستوي التعليمي , في شقه
البيداغوجي. الشيء الذي يؤكد لنا صحة
فرضيتنا التي انطلقنا منها, والتي عبرنا عنها انطلاقا من التساؤلات السابقة
والتساؤلات اللاحقة التالية : هل يمكن
لمجتمع أن يذهب بعيدا بمشروعه التنموي والنهضوي القائم على تصورات عقلانية حداثية معينة , والأمية ما
تزال متفشية فيه بنسبة كبيرة؟ هل يمكن
إعطاء مصداقية حقيقية لأي مشروع تنموي والعالم القروي ما يزال يعيش في عزلة شبه تامة عن صيرورات مجتمعه الذي ينتمي إليه ,
مع تركه عرضة للتهميش والضياع , وجعله
يقوم بتصدير أفواج من العائلات القروية إلى المدن للقيام بإعادةإنتاج نفس القيم السلبية الموروثة عن النظام القبلي العشائري
الذي يتميز به هذاالعالم القروي ؟ هل
استطاع الخطاب التربوي المدرسي بعد مرور سنين عديدة في نهج خطط تنموية اقتباسية من الغرب الليبرالي, أن يمد جسور التواصل و
الوصل بين المدرسة والبيت ؟ فالخطاب
التربوي العالم ( بكسر اللام ) يقر بأن العملية التربوية داخل المدارس لم تعد عملية تلقين معارف ولا تقنيات جاهزة , بل هي
عملية تعلم(( كيفيةالتعلم)) وذلك انطلاقا
من مخاطبة الذكاء المتعدد و تنمية الوظائف العليا للدماغ البشري , من
فهم و إبداع وقدرة على الخلق والابتكار.(
أوليس الذكاء هو أرقى صورة للتكيف معالمحيط , كما يقول جان بياجي ؟). و أن المربي المغربي في حاجة
إلى معرفة قوانين النمو الذهني للأطفال,
لإيجاد المنهاج الأنسب والأنجع لنمط التكوين التربوي المرغوب فيه.. هل استطاع الخطاب التربوي المدرسي, كما نفهمه كممارسة
في المدارس , أن يبلورأشكالا جديدة تؤثث
المشهد التربوي وتكشف عن مستويات جديدة لطبيعة العلاقة المتبادلة
بين الأستاذ والمتعلم , بين الأستاذ
والإدارة , بين الأستاذ و المؤطر التربوي , بينالمدرسة ومحيطها ؟ .. هل تثق المدرسة, في بنيتها الحالية, في قدرات المتعلم الطبيعية على
التعلم ؟ فطرحنا لهذه الفرضية يقصد من وراء
ه, الربط البنيوي للمنظومة التعليمية بالمنظومة التربوية و
المجتمعية السائدة . إيمانا منا أن
التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إلا بتأهيل العنصر البشري تأهيلا علميا
وثقافيا . و لا يمكن تحقيق هذا كله إلا
بإصلاح الأسرة المغربية و المدرسة الابتدائية و القائمين عليها و تأهيلهم تأهيلا صحيحا.. لأنهم
يشكلون أصل و منبت المجتمع .
يجب إعادة
الاعتبار إلى المدرسة الابتدائية
المغربية .. فالأطفال, فلذات الأكباد, يقضون فيها مدة ست سنوات من عمرهم. وهي فترة زمنية تعتبر حاسمة , بشكل
كبير, في مستقبلهم , ومستقبل جيل كبير من
رجال و نساء الغد الذين يعول عليهم المغرب في رفع تحدياته الكبرى ..
لكن , و في الأخير , هل يمكن
فعل ذالك, دون فهم دقيق للقائمين على المدرسة الأساسيين , . مع دراسة التفاعلات
الحاصلة , واقعيا , فيمابينهم؟ فهم أربعة
وجوه لعملة واحدة ينبني عليها الاقتصاد المغربي برمته : المتعلم , المدرس ,
المدير , المؤطر التربوي .
تلك مسألة أخرى فيها نظر , و
تحتاج إلى تأطير إشكالي لها , سنعمل , بحول الله , على رسمه لاحقا في مقال آخر .
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 5 فبراير 2010 الساعة: 12:02 م
مأزق المنظومات التربوية
العربية
المنظومة التربوية المغربية
نموذجا
بقلم : ذ عبد الجبار الغراز
لقد تأثرت المنظومة
المجتمعيةالمغربية, تأثيرا سلبيا, كغيرها
من المنظومات المجتمعية العربية
الأخرى, أوائل القرن الماضي,
بصدمةالحداثة. الشيء
الذيانعكس , سلبا , على بنياتها ,
المتسمة بالثبات , انعكاسا جعل المشهد التربوي المغربي يفرزتعايش نمطين مختلفين من أنماط التربية : نمط تقليدي و آخر
عصري . فهي بفعل ذالك, تضع , في
نظرنا , الخطاب الابستيمولوجي التعليمي العالم ( بكسر اللام ) في مأزق
منهجي عندما نراه يختزل الظاهرة
التعليمية المغربية في بعد أحادي الجانب . وذلك من خلال النظر إليها
كوحدةمتجانسة وظيفيا, و مستقلة, على
مستوى التحليل, عن باقي الوحدات الأخرى. ويكتفي , بالتالي ,
بتحليل المكونات والعناصر الداخلية التي تتحكم في الفعل التعلمي –التعليمي , وكأن
المشكل , في أساسه مشكل بيداغوجي أو ديداكتيكي محض . في حين نرى
أن المشكل أعمق من أن يرد إلى خلل وظيفي
في البنية التعليمية – التعلمية . فهذهالأخيرة , مرتبطة بنيويا , بمنظومتها العامة التي تتحكم فيها
: يتعلق الأمربارتباطها بالمنظومة
التربوية العامة التي تشكلت , منذ زمن طويل , في المجتمع المغربي
وأصبحت المتغير المستقل لكل منظومة
فرعية . وبناء عليه , نطرح التساؤل الإشكالي التالي :
هل يمكن تفسير الآليات التي
تشتغل عليها المنظومة التعليمية المغربية بمعزل عن الحديث , بشكل أساسي , عن الخطاب التربوي الذي تنتجه
الأسرة المغربية ؟ و هل يمكن الحديث أيضا , عن الخلل الذي نراه في العملية
التعليمية – التعلمية , التي تحدث داخل الفصول الدراسية , دون الرجوع إلى
تفكيك للخطاب الإعلامي , الذي بدأ ينافس , إيديولوجيا , و معرفيا , و
تربويا , خطاب المدرسة وخطاب الأسرة التربويين ؟؟؟
فأمام غياب , شبه كلي , للدراسات الميدانية المبنية على ا لقياسات الكمية الإحصائية و القياسات الكيفية , الكاشفة للمتغيرات المستقلة و المتغيراتالتابعة . وأيضا , أمام غلبة البعد التنظيري الذي تتسم به المسألة التربوية بالمغرب يجعلنا نقر أن الموقف السوسيولوجي التربوي هو موقف يتمتع بمصداقية نظرية و منهجية و ميدانية , لا ينافسه عليها أحد . لأنه يأخذ بعين الاعتبار , الظاهرة التربوية في شموليتها و أبعادها المتعددة . فالظاهرة التربوية, في نظره هي ظاهرة اقتصادية و اجتماعية متأثرة بالهندسة التاريخية و الجغرافية و كيفية تشكيل الوعي للشخص La personne كقيمة و معطى فلسفي غير جاهز .
فأمام غياب , شبه كلي , للدراسات الميدانية المبنية على ا لقياسات الكمية الإحصائية و القياسات الكيفية , الكاشفة للمتغيرات المستقلة و المتغيراتالتابعة . وأيضا , أمام غلبة البعد التنظيري الذي تتسم به المسألة التربوية بالمغرب يجعلنا نقر أن الموقف السوسيولوجي التربوي هو موقف يتمتع بمصداقية نظرية و منهجية و ميدانية , لا ينافسه عليها أحد . لأنه يأخذ بعين الاعتبار , الظاهرة التربوية في شموليتها و أبعادها المتعددة . فالظاهرة التربوية, في نظره هي ظاهرة اقتصادية و اجتماعية متأثرة بالهندسة التاريخية و الجغرافية و كيفية تشكيل الوعي للشخص La personne كقيمة و معطى فلسفي غير جاهز .
فما كتب ويكتب في المجلات التربوية المتخصصة و ملاحق
التربوية بالجرائد الوطنية و كذا الكتب ذات المنحى و التوجه التربويين , لا يقوم سوى بدور ثانوي و تكميلي
مؤداه تحديد إمكانيات نسق تربوي أو جمع
معطيات ناقصة تساعد الدارس في تحديد شروط معينة , أو تحليل الظاهرة التربوية المدروسة من زاوية معينة دون أخرى . في حين
ينبغي أن ينصب الجهد التربوي , المعتمد على دراسات ميدانية , على تحليل مختلف
تمظهرات العلاقة بين البنية المجتمعية و المدرسة الابتدائية المغربية . فما تفرزه
هذه الأخيرة من ظواهر لا تشجع الناشئة على التمدرس و تلقي الدرس و التحصيل , كالهذر
المدرسي , و الفشل الدراسي و الانحطاط في مستوى تلقي الدرس و التحصيل , خاصة في
صفوف الذكور , ما هو إلا نتيجة للتباعد الحاصل بين بنية المجتمعية الممثلة من قبل
الأسرة و البيت و المدرسة الابتدائية , و التي ساهم الإعلام الوطني و العربي , غير
الهادف , في تعميق الهوة السحيقة بينهما .
لقد لجم المغرب, كسائر البلدان المستعمرة, نفسه باتفاقيات ومعاهدات رسمية. وربط على إثرها, مجالاته الحيوية , والفاعلة , كالاقتصاد و السياسة و الثقافة , بمصالح الغرب المستعمر . وإلى جانب ذاك , نراه , وبشكل مفارق , منشدا انشدادا قويا , ثقافيا, و إيديولوجيا , إلى بنياته التقليدية العميقة الموروثة عبر حقب زمنية . . فأمام هذه الوضعية الصعبة , يجد المغرب نفسه الآن , مطالب حضاريا , أن يحسم , وبسرعة , في تحديات العولمة بجميع أشكالها وتلاوينها , التي يفرضها عليه محيطه الجيواقتصادي و الجيوسياسي التابع للدوائر الرأسمالية الليبرالية الغربية. فما يحتاجه المغرب ليس رفض العولمة أو قبولها, ولكن ما يحتاجه هو بناء الذات القادرة على الإبداع , والاستثمار العقلاني لإمكانياته المتاحة من أجل التعامل مع الآخر تعاملا حضاريا بعيدا عن الاستلاب الذهني .فالتوجيهات التي يقدمها البنك الدولي له, بين حين و آخر, هي مجرد " توجيهات تقنية" حول كيفية تأهيل المورد البشري, كعنصر من عناصر التنمية و الاستقرار السياسي و المجتمعي. فتسهيل اندماج المغرب في الأسواق العالمية يتطلب منه تأهيل أطر لها كفايات تكون رهن إشارة الشركات العابرة للقارات .
لقد لجم المغرب, كسائر البلدان المستعمرة, نفسه باتفاقيات ومعاهدات رسمية. وربط على إثرها, مجالاته الحيوية , والفاعلة , كالاقتصاد و السياسة و الثقافة , بمصالح الغرب المستعمر . وإلى جانب ذاك , نراه , وبشكل مفارق , منشدا انشدادا قويا , ثقافيا, و إيديولوجيا , إلى بنياته التقليدية العميقة الموروثة عبر حقب زمنية . . فأمام هذه الوضعية الصعبة , يجد المغرب نفسه الآن , مطالب حضاريا , أن يحسم , وبسرعة , في تحديات العولمة بجميع أشكالها وتلاوينها , التي يفرضها عليه محيطه الجيواقتصادي و الجيوسياسي التابع للدوائر الرأسمالية الليبرالية الغربية. فما يحتاجه المغرب ليس رفض العولمة أو قبولها, ولكن ما يحتاجه هو بناء الذات القادرة على الإبداع , والاستثمار العقلاني لإمكانياته المتاحة من أجل التعامل مع الآخر تعاملا حضاريا بعيدا عن الاستلاب الذهني .فالتوجيهات التي يقدمها البنك الدولي له, بين حين و آخر, هي مجرد " توجيهات تقنية" حول كيفية تأهيل المورد البشري, كعنصر من عناصر التنمية و الاستقرار السياسي و المجتمعي. فتسهيل اندماج المغرب في الأسواق العالمية يتطلب منه تأهيل أطر لها كفايات تكون رهن إشارة الشركات العابرة للقارات .
كيف يمكن , إذن , و الحالة هذه , تكييف النظام التربوي مع
النظام الاقتصادي دون إصلاح للإطار الإداري الممخزن , وإصلاح الماكر واقتصادي ؟ كيف يمكن تحقيق هذه
التوجهات في ظل التأرجحات في اختيارات
متعارضة بين الفرانكفونية الثقافية ذات النفوذ على مراكزالقرار السياسي والاقتصادي , وبين منطق الهوية و الخصوصية
المغربية ؟ كيف السبيل إلى تحقيق ذلك في
ظل تجربة ديمقراطية تبحث لنفسها عن موطئ قدم صلبة ؟ ف" إذا لم تكن هناك
ديمقراطية حقيقية , يقول المهدي المنجرة , و إذا لم
يكن هناك برلمان يحترم , وله مصداقية في أخد القرار , تبقى الأشياء
كلها مسألة خبراء و مسألة تقنيات لا تتعلق بالأولويات"
وهكذا , وبناء على هذه الحيثيات , فقد سعى المغرب , جادا , منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي إلى الآن , نحو خلق توافقات شبه مجتمعية بين مختلف أطيافه وحساسياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك, حول بلورة منظومة شمولية تأخذ بعين الاعتبار, المنظومة التعليمية , لمواجهة هذه التحديات . وقد تمخض عن ذلك ,بشكل خاص, إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين . و نهج سياسة تكرس ثقافة حقوق الإنسان (خاصة حقوق الطفل و حقوق المرأة ) وإقرار مدونة للأسرة, كخطوة أولية نحو تطبيق دولة الحق والقانون وتكريس السلوك والنهج الديمقراطيين. كما سعى أيضا, إلى تبني منظومة إصلاحية وضعت الإنسان المغربي كمورد بشري هام , انطلاقا من التفكيرفي إيجاد أنجع الوسائل المساعدة على تنمية و إبراز قدراته الإبداعية ومواهبه المتعددة حتى يتكيف , بشكل إيجابي, مع محيطه القريب و البعيد , ويكون قادرا على العطاء و الإنتاج الخلاق . على ضوء هذا التوجه العام لأصحاب القرار السياسي بالمغرب, وبعد مرور سنوات على تطبيق الميثاق الوطني للتربة و التكوين, وبعدما شاهدناه من تعثرات في تنفيذ بعض بنوده و دعاماته الأساسية, و انتهاج مخطط استعجالي يروم تدارك ما فات و سد الثغرات التي شخصها تقرير المجلس الأعلى للتعليم الأول , يمكن طرح تساؤلات.عديدة , وهي على الشكل التالي : هل مفهوم التربية, كممارسة واقعية و المتجسدة ضمن مؤسسات معينة, كالأسرة, المدرسة, الإعلام… قادرة , في شكلها الحالي , وفي موازاة مع هذه التوجهات , سالفة الذكر , على خلق شروط موضوعية وذاتية للطفل المغربي , وتأهيله تأهيلا صحيحا حتى يكون في المستوى المطلوب , أم هي مجرد أنماط جاهزة و مستعارة , ومستهلكة الغرض منها هو صناعة مجتمع عصري , في الظاهر , وتقليدي حتى النخاع , فيالعمق , يعيد إنتاج نفس المنظومات السابقة , لكن بأشكال مختلفة تمويهية للأنظاروالألباب ؟ .. بتعبير آخر , هل الخطاب التربوي المغربي استطاع ,أو على الأقل سيستطيع في السنوات القليلة القادمة , تأهيل المنظومة المجتمعية , و ذلك من خلال إنتاج بنية فكرية مقاومة لميكانزمات مضادة لها , تبعد الإنسان المغربي عن دائرةالتخلف الفكري , والتالي التخلف الاقتصادي الذي يعيشه ؟ صحيح أنه, لا يمكن إنكار الوقائع التي تقر أن المغرب قد عاش, منذالاستقلال, في مخاض وفي صراع وجودي مع مخلفات هذه الوضعية. و صحيح أيضا, أنه قد عاش فترة الانجذاب القوي للماضي وما يكتنفها من حقائق وأوهام , وفترة التطلع للمستقبل المجهول , وما نتج عن ذلك من تفكك تدريجي للمنظومة التربوية المنبنية على سلطة الأب, و تراجع ملحوظ لبعض الأشكال التقليدية في تربية الأبناء , لصالح منظومة تربوية استمدت وجودها من النموذج الحداثي الغربي الليبرالي ,. فغدت الأسرة نووية بعد أن كانت ممتدة. وطفت على سطح العلاقات الاجتماعية, هوامش من الحرية في طريقة تربية الأبناء و تدبير الشأن الأسري. إذ على إثر ذلك تقلصت المسافات بين الراشد و بين الطفل . لكن مانلاحظه , في الوقت الراهن, هو هذا التأرجح في اختيار المجتمع المغربي لصيغ تربوية"غير مهضومة" أملتها ظروف هذا العصر المتميز بالسرعة في التطور و التحول , خاصة على المستوى الإعلامي و المستوي التعليمي , في شقه البيداغوجي. الشيء الذي يؤكد لنا صحة فرضيتنا التي انطلقنا منها, والتي عبرنا عنها انطلاقا من التساؤلات السابقة والتساؤلات اللاحقة التالية : هل يمكن لمجتمع أن يذهب بعيدا بمشروعه التنموي والنهضوي القائم على تصورات عقلانية حداثية معينة , والأمية ما تزال متفشية فيه بنسبة كبيرة؟ هل يمكن إعطاء مصداقية حقيقية لأي مشروع تنموي والعالم القروي ما يزال يعيش في عزلة شبه تامة عن صيرورات مجتمعه الذي ينتمي إليه , مع تركه عرضة للتهميش والضياع , وجعله يقوم بتصدير أفواج من العائلات القروية إلى المدن للقيام بإعادةإنتاج نفس القيم السلبية الموروثة عن النظام القبلي العشائري الذي يتميز به هذاالعالم القروي ؟ هل استطاع الخطاب التربوي المدرسي بعد مرور سنين عديدة في نهج خطط تنموية اقتباسية من الغرب الليبرالي, أن يمد جسور التواصل و الوصل بين المدرسة والبيت ؟ فالخطاب التربوي العالم ( بكسر اللام ) يقر بأن العملية التربوية داخل المدارس لم تعد عملية تلقين معارف ولا تقنيات جاهزة , بل هي عملية تعلم(( كيفيةالتعلم)) وذلك انطلاقا من مخاطبة الذكاء المتعدد و تنمية الوظائف العليا للدماغ البشري , من فهم و إبداع وقدرة على الخلق والابتكار.( أوليس الذكاء هو أرقى صورة للتكيف معالمحيط , كما يقول جان بياجي ؟). و أن المربي المغربي في حاجة إلى معرفة قوانين النمو الذهني للأطفال, لإيجاد المنهاج الأنسب والأنجع لنمط التكوين التربوي المرغوب فيه.. هل استطاع الخطاب التربوي المدرسي, كما نفهمه كممارسة في المدارس , أن يبلورأشكالا جديدة تؤثث المشهد التربوي وتكشف عن مستويات جديدة لطبيعة العلاقة المتبادلة بين الأستاذ والمتعلم , بين الأستاذ والإدارة , بين الأستاذ و المؤطر التربوي , بينالمدرسة ومحيطها ؟ .. هل تثق المدرسة, في بنيتها الحالية, في قدرات المتعلم الطبيعية على التعلم ؟ فطرحنا لهذه الفرضية يقصد من وراء ه, الربط البنيوي للمنظومة التعليمية بالمنظومة التربوية و المجتمعية السائدة . إيمانا منا أن التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إلا بتأهيل العنصر البشري تأهيلا علميا وثقافيا . و لا يمكن تحقيق هذا كله إلا بإصلاح الأسرة المغربية و المدرسة الابتدائية و القائمين عليها و تأهيلهم تأهيلا صحيحا.. لأنهم يشكلون أصل و منبت المجتمع .
يجب إعادة الاعتبار إلى المدرسة الابتدائية المغربية .. فالأطفال, فلذات الأكباد, يقضون فيها مدة ست سنوات من عمرهم. وهي فترة زمنية تعتبر حاسمة , بشكل كبير, في مستقبلهم , ومستقبل جيل كبير من رجال و نساء الغد الذين يعول عليهم المغرب في رفع تحدياته الكبرى ..
وهكذا , وبناء على هذه الحيثيات , فقد سعى المغرب , جادا , منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي إلى الآن , نحو خلق توافقات شبه مجتمعية بين مختلف أطيافه وحساسياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك, حول بلورة منظومة شمولية تأخذ بعين الاعتبار, المنظومة التعليمية , لمواجهة هذه التحديات . وقد تمخض عن ذلك ,بشكل خاص, إقرار الميثاق الوطني للتربية والتكوين . و نهج سياسة تكرس ثقافة حقوق الإنسان (خاصة حقوق الطفل و حقوق المرأة ) وإقرار مدونة للأسرة, كخطوة أولية نحو تطبيق دولة الحق والقانون وتكريس السلوك والنهج الديمقراطيين. كما سعى أيضا, إلى تبني منظومة إصلاحية وضعت الإنسان المغربي كمورد بشري هام , انطلاقا من التفكيرفي إيجاد أنجع الوسائل المساعدة على تنمية و إبراز قدراته الإبداعية ومواهبه المتعددة حتى يتكيف , بشكل إيجابي, مع محيطه القريب و البعيد , ويكون قادرا على العطاء و الإنتاج الخلاق . على ضوء هذا التوجه العام لأصحاب القرار السياسي بالمغرب, وبعد مرور سنوات على تطبيق الميثاق الوطني للتربة و التكوين, وبعدما شاهدناه من تعثرات في تنفيذ بعض بنوده و دعاماته الأساسية, و انتهاج مخطط استعجالي يروم تدارك ما فات و سد الثغرات التي شخصها تقرير المجلس الأعلى للتعليم الأول , يمكن طرح تساؤلات.عديدة , وهي على الشكل التالي : هل مفهوم التربية, كممارسة واقعية و المتجسدة ضمن مؤسسات معينة, كالأسرة, المدرسة, الإعلام… قادرة , في شكلها الحالي , وفي موازاة مع هذه التوجهات , سالفة الذكر , على خلق شروط موضوعية وذاتية للطفل المغربي , وتأهيله تأهيلا صحيحا حتى يكون في المستوى المطلوب , أم هي مجرد أنماط جاهزة و مستعارة , ومستهلكة الغرض منها هو صناعة مجتمع عصري , في الظاهر , وتقليدي حتى النخاع , فيالعمق , يعيد إنتاج نفس المنظومات السابقة , لكن بأشكال مختلفة تمويهية للأنظاروالألباب ؟ .. بتعبير آخر , هل الخطاب التربوي المغربي استطاع ,أو على الأقل سيستطيع في السنوات القليلة القادمة , تأهيل المنظومة المجتمعية , و ذلك من خلال إنتاج بنية فكرية مقاومة لميكانزمات مضادة لها , تبعد الإنسان المغربي عن دائرةالتخلف الفكري , والتالي التخلف الاقتصادي الذي يعيشه ؟ صحيح أنه, لا يمكن إنكار الوقائع التي تقر أن المغرب قد عاش, منذالاستقلال, في مخاض وفي صراع وجودي مع مخلفات هذه الوضعية. و صحيح أيضا, أنه قد عاش فترة الانجذاب القوي للماضي وما يكتنفها من حقائق وأوهام , وفترة التطلع للمستقبل المجهول , وما نتج عن ذلك من تفكك تدريجي للمنظومة التربوية المنبنية على سلطة الأب, و تراجع ملحوظ لبعض الأشكال التقليدية في تربية الأبناء , لصالح منظومة تربوية استمدت وجودها من النموذج الحداثي الغربي الليبرالي ,. فغدت الأسرة نووية بعد أن كانت ممتدة. وطفت على سطح العلاقات الاجتماعية, هوامش من الحرية في طريقة تربية الأبناء و تدبير الشأن الأسري. إذ على إثر ذلك تقلصت المسافات بين الراشد و بين الطفل . لكن مانلاحظه , في الوقت الراهن, هو هذا التأرجح في اختيار المجتمع المغربي لصيغ تربوية"غير مهضومة" أملتها ظروف هذا العصر المتميز بالسرعة في التطور و التحول , خاصة على المستوى الإعلامي و المستوي التعليمي , في شقه البيداغوجي. الشيء الذي يؤكد لنا صحة فرضيتنا التي انطلقنا منها, والتي عبرنا عنها انطلاقا من التساؤلات السابقة والتساؤلات اللاحقة التالية : هل يمكن لمجتمع أن يذهب بعيدا بمشروعه التنموي والنهضوي القائم على تصورات عقلانية حداثية معينة , والأمية ما تزال متفشية فيه بنسبة كبيرة؟ هل يمكن إعطاء مصداقية حقيقية لأي مشروع تنموي والعالم القروي ما يزال يعيش في عزلة شبه تامة عن صيرورات مجتمعه الذي ينتمي إليه , مع تركه عرضة للتهميش والضياع , وجعله يقوم بتصدير أفواج من العائلات القروية إلى المدن للقيام بإعادةإنتاج نفس القيم السلبية الموروثة عن النظام القبلي العشائري الذي يتميز به هذاالعالم القروي ؟ هل استطاع الخطاب التربوي المدرسي بعد مرور سنين عديدة في نهج خطط تنموية اقتباسية من الغرب الليبرالي, أن يمد جسور التواصل و الوصل بين المدرسة والبيت ؟ فالخطاب التربوي العالم ( بكسر اللام ) يقر بأن العملية التربوية داخل المدارس لم تعد عملية تلقين معارف ولا تقنيات جاهزة , بل هي عملية تعلم(( كيفيةالتعلم)) وذلك انطلاقا من مخاطبة الذكاء المتعدد و تنمية الوظائف العليا للدماغ البشري , من فهم و إبداع وقدرة على الخلق والابتكار.( أوليس الذكاء هو أرقى صورة للتكيف معالمحيط , كما يقول جان بياجي ؟). و أن المربي المغربي في حاجة إلى معرفة قوانين النمو الذهني للأطفال, لإيجاد المنهاج الأنسب والأنجع لنمط التكوين التربوي المرغوب فيه.. هل استطاع الخطاب التربوي المدرسي, كما نفهمه كممارسة في المدارس , أن يبلورأشكالا جديدة تؤثث المشهد التربوي وتكشف عن مستويات جديدة لطبيعة العلاقة المتبادلة بين الأستاذ والمتعلم , بين الأستاذ والإدارة , بين الأستاذ و المؤطر التربوي , بينالمدرسة ومحيطها ؟ .. هل تثق المدرسة, في بنيتها الحالية, في قدرات المتعلم الطبيعية على التعلم ؟ فطرحنا لهذه الفرضية يقصد من وراء ه, الربط البنيوي للمنظومة التعليمية بالمنظومة التربوية و المجتمعية السائدة . إيمانا منا أن التنمية المستدامة لا يمكن تحقيقها إلا بتأهيل العنصر البشري تأهيلا علميا وثقافيا . و لا يمكن تحقيق هذا كله إلا بإصلاح الأسرة المغربية و المدرسة الابتدائية و القائمين عليها و تأهيلهم تأهيلا صحيحا.. لأنهم يشكلون أصل و منبت المجتمع .
يجب إعادة الاعتبار إلى المدرسة الابتدائية المغربية .. فالأطفال, فلذات الأكباد, يقضون فيها مدة ست سنوات من عمرهم. وهي فترة زمنية تعتبر حاسمة , بشكل كبير, في مستقبلهم , ومستقبل جيل كبير من رجال و نساء الغد الذين يعول عليهم المغرب في رفع تحدياته الكبرى ..
لكن , و في الأخير , هل يمكن
فعل ذالك, دون فهم دقيق للقائمين على المدرسة الأساسيين , . مع دراسة التفاعلات
الحاصلة , واقعيا , فيمابينهم؟ فهم أربعة
وجوه لعملة واحدة ينبني عليها الاقتصاد المغربي برمته : المتعلم , المدرس ,
المدير , المؤطر التربوي .
تلك مسألة أخرى فيها نظر , و
تحتاج إلى تأطير إشكالي لها , سنعمل , بحول الله , على رسمه لاحقا في مقال آخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق