أيها العرب.. اعرفوا أ نفسكم بأنفسكم !!
عبد الجبار الغراز *
كتبهاعبد الجبار الغراز ، في 3 مايو 2010 الساعة: 00:15 ص
تعقيبا
على المقال : " اعرف غيرك " الصادر بصحيفة " الشرق
الأوسط " الغراء تحت عدد 11478 بتاريخ 2_ 5 _ 2010 , يمكن القول
أن الأستاذ خالد القشطيني قد أصاب الهدف
وجانب الصواب , لما تناول بالتحليل و النقد , مفهوم "
الغيرية " في معناه السلبي . و قدمه كمعطى سالب لكل قدرة على فهم
حقيقي للذات , ذلك الفهم الذي لا يتحقق إلا إذا كان
ثابتا على أساس قاعدي ألا و هو معرفة الذات لنفسها . أساس ترسم عليه
كل حدود الاشتغال الممكنة, بحيث يكون في مرحلة لاحقة مقدمة ضرورية و أولية تتأسس
عليه معرفة " الغير " معرفة شاملة و دقيقة.
نعم ,
أستاذنا الفاضل : خالد القشطيني ,
إذا كان مجتمعنا العربي لا يتماشى مع النصيحة السقراطية " اعرف نفسك
بنفسك " الأخلاقية , فإن نخبتنا السياسية العربية تعيش جمودا طال
آلتها الدبلوماسية , مما جعلها , هي الأخرى , في أمس الحاجة إلى هذه
الدعوة السقراطية إلى معرفة الذات , ذاتنا الجمعوية .
في حقيقة الأمر ,
العرب في أمس الحاجة , أكثر من أي وقت مضى , إلى العودة إلى الذات بغية مراجعة
مسارهم السياسي , و الاستفادة من الأخطاء المرتكبة , خصوصا في
علاقتهم الوجودية مع إسرائيل . فالتعنت الإسرائيلي و التنكر للحقوق الفلسطينية
المشروعة منشؤه هو إغفال العرب لهذا المعطى البسيكوأنثروبولوجي و الفلسفي الهام و
عدم إعطائه ما يستحق من عناية و اهتمام .
الكل يعلم أن لجنة مبادرة السلام
العربية قد أعطت , أمس السبت 1 _ 5 _ 2010 , الضوء الأخضر للرئيس الفلسطيني محمود
عباس ببدء المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل تحت
ضمانات أمريكية , و أنها ( المفاوضات ) قد لقيت معارضة من طرف دول عربية لا يستهان
بها في خلق توازن إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط و حفظ الأمن القومي
العربي المهدد , بدعوى أنها عبثية و لا
فائدة ترجى منها . يحدث هذا التأرجح في اتخاذ موقف عربي موحد تجاه
بدء المفاوضات مع إسرائيل , في ظل التطورات الخطيرة التي باتت تهدد
قضية العرب و المسلمين الأولى : القضية الفلسطينية , والتي تتجلى في
تنامي المد الاستيطاني , و تهجير الفلسطينيين و سلب إسرائيل لمقدساتهم مع إضفاء
شرعية دولية عليها .
فالعرب في
أمس الحاجة , إذن , إلى هذه الدعوة الفلسفية السقراطية الثمينة , دعوة تدعوهم إلى
رأب الصدع الذي ينخر جسمهم السياسي : فلا يجوز أن نصم
الآذان و أن لا ننصت للصوت المعارض , المخالف لتوجهنا وطريقة
معالجتنا للمشكلات العويصة !!!
فهو , على كل حال , ذلك الحاضر الغائب , الذي يسكننا على نحو غريب
, كما تقول جوليا كريستيفا , الذي يشكل , من حيث ندري أو لا ندري ,
الطرف القصي المشارك لنا في بناء ذاتنا الجمعية
العربية . طرف يحمل في طياته , في نفس
الوقت , بوادر السلب و الإيجاب , قد يستغلها هذا " الغير " المفاوض (
إسرائيل ) لصالحه إن لم نستثمرها أحسن استثمار في سبيل خلق وحدة صف
قوية لمواجهة التحديات الحضارية التي تعصف بكياننا الضعيف بفعل
التفكك و التشتت و التشرذم .
كما لا يجوز أيضا , في الجهة المقابلة , أن يمتطي الصوت
العربي المعارض صهوة جواد "المعارضة من أجل المعارضة
", و يمضي , هائما تائها , في رحلة دونكيشوتية واهمة . فالخصم الذي
أمامنا ليس وهما, بل هو عدو حقيقي مدجج بأسلحة الدهاء و المكر و التحايل, ناهيك عن
الأسلحة الجرثومية و الفسفورية و النووية الفتاكة التي يلوح بها في كل وقت و حين.
فالقضاء عليه لا يتأتى بالسفسطة و اقتناص تعثرات كل مبادرة ترمي إلى حل مثل هذه
المشكلات العويصة, بل يتأتى بالحوار البناء و التشاور بين الإخوة الأشقاء.
فإذا كان سقراط قد كرس , من
خلال فلسفته الأخلاقية , صورة نموذجية لذلك الفيلسوف الذي أنزل
الحكمة من السماء إلى الأرض , مواجها , بالمنطق و الحجة العقلية , خصمه اللدود
, آنذاك , السفسطائي , الذي انتهج الغوغاء غاية , و فن
الخطابة المنمقة وزخرف القول , منهجا لاستمالة شباب أثينا , فإن
العرب و الفلسطينيين مدعوون إلى أن ينزلوا السياسة من السماء إلى الأرض , و يواجهوا
عدوا أشرس من العدو الإسرائيلي , ألا و هو " سفسطة الذات " " "
الغوغائية ", قبل مواجهة الآلة الدبلوماسية الإسرائيلية وقت بدء المفاوضات .
http://www.assayyarat.com/
ردحذفthank you
جزاك الله خير
http://www.mawahib.net
شكرا على مرورك الطيب تسلم
ردحذف