عظمة الفلسفة
عبد الجبار الغراز
" تأملات ديكارتية "؟؟؟ .. يا سلام ..
لقد كانت لفظة " فلسفة" تستهويني منذ أن بدأت أعي بعضا من شروط وجودي كإنسان .. كانت تترك أثرا ساحرا في نفسي . كانت تدغدغ مشاعري , و تجتاح كل خلية من خلايا جسمي , و تأخذني إلى مجالها الرحب و الواسع حيث الأفكار تسبح و تتماوج في إيقاع موسيقي رائع .
كل هذا كان يحدث لي , و أنا فتى بدأ يتخطى عتبات الطفولة بخطى ثقيلة , و كأنها لا تريدني أن أغادر أرض الصخب و النزقية و المشاكسة . فمن منا يا سادة يا كرام لم يتذكر عهد الصبا ، ومن منا لم يترك العنان لماضويته أن تفرض عليه سلطتها و عنفها اللطيف , و من منا لم يقاوم ذلك الشعور النبيل الذي يجتاح كينونته ساعة الانحسار ؟؟؟
تأتي بعد لحظة عشق الفلسفة , لحظات سكونية , أتاحت للذات فرصة الاتحاد بالمطلق من خلال النص القرآني و الحديثي ،وتمثلهما ، وكأنها مسافرة اليوم ، قبل غدها ، إلى ملكوت الله . فعاشت لحظات عشق الصوفي الزاهد في هذه الحياة . لا شيء يكدر صفوعيشها . كانت تنعم برحيق رباني تحس به يسري كالدم في خلاياها .
و فجأة تشاء الأقدارالربانية أن يسافر عزيز على النفس من أهلي إلى دار البقاء ( الأم ) , وتختلط الأمور و تتشابك في عقلي . و أصبحت أطرح الأسئلة تلو الأسئلة على نفسي , و كان مرشدي الأول إلى طريق الإشكاليات و التفلسف كتاب : " تأملات ميتافيزيقية " لديكارت . فقد كان جائزة من بين الجوائز التي حظيت بها أختي الكبري في" ثانوية كشكاط " العظيمة , وما زلت أحتفظ به في مكتبتي إلى الآن .كان هذا الكتاب إلى جانب ثلة من أمهات الكتب الفلسفية التي قادتني طوعا إلى خيار التفلسف . ووجدتني أتصفحه ورقة ورقة , وألتهم أفكاره التهاما . كان ديكارت , بالنسبة لي , أكبر مفت في محراب التفلسف . فقد أتاح لي أن أعيد ترتيب أبجدياتي الوجودية من جديد . ما أعظم هذا الفيلسوف و ما أروع فلسفته . فقد كانت هذه الأخيرة ، تمثل لي تلك الأرض الصلبة التي تأسست بفعل اليقين الذي لم يعد يركن إليه شك ، لأنه بني على أساس قواعد منهجية صارمة . فأصبح كياني كله عينا مرتابة ، أو أذنا متصنتة تجيد فعل الاستماع إلى الهامشي قبل المركزي . فقررت ساعتها ، أن أكون ديكارت نفسي بامتياز .
لكن الأفكار تتجدد و تتغير باستمرار .. و تساءلت مع ديكارتي الكبير , الذي يسكنني , عن جدوى عقلانية صورية بدون محتوى مادي يعطي لها أسباب العيش في كياني لفترة طويلة .. فجاءت لحظة " دافيد هيوم " و " جان لوك " " و ستوارت ميل " و بعدها جاءت لحظة العقل النقدي الخالص و العقل الأخلاقي العملي الكانطيين , ليوجها معرفتي صوب الأسس المنهجية لحدوث معرفة ممكنة , فكانت طامتي الكبرى هي الإجابة العسيرة عن سؤال أعسر : كيف يمكنني أن أتجاوز فيلسوفي و أستاذي المفضل , الذي لقنني أبجديتي الفلسفية ؟
فكانت الإجابة نابعة من وحي عالمي الداخلي آتية من ديكارت نفسه يخبرني أن المسألة ليست معقدة , فطلب مني أن أعيد قراءة كتابه " قواعد في المنهج " فاهتديت ساعتها إلى اليقين .
فشيئا فشيئا بدأت أعي بأن الحواس لا تخدع , وأنها تشكل هي و الواقع الحسي الخارجي شرطا من شروط أية معرفة يقينية ممكنة . هنا أصبح فعل تجاوز أرض الكوجيطو مشروعا بالنسبة لي . فلو عاش ديكارت حتى زمن كانط لعدل من عقلانيته ,وأسس فلسفة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الموضوعي الماثل أمام الذات العارفة .
ومع مرور الوقت و مع الاحتكاك بالأساتذة , مبارك وساط , وفقي , واعزيز , عبد السلام بنعبد العالي , سالم يفوت , بنسالم حميش ,محمد عابد الجابري , محمد جسوس , ادريس بنسعيد , بوعسلة التباري , الداشمي , المختار الهراس , رحمة بورقية ... و أصدقاء الدرب الفلسفي , أصبح المفهوم الفلسفي النتشوي و الماركسي و السارتري و الهيدجدري و الفوكوي و البارطي و الفرويدي و الفيبري و البورديوي ... يتشكل بالتدريج و يحفر آباره العميقة في كل شبر من أرض صلبة متكلسة من روحي .
فهذا الوجد الفلسفي و هذه الشعلة المتأججة في أعمق أعماق كياني , وهذه اللوثة الجهنمية التي تجتاحني حين أصبح و أمسي , أنقلها الآن إلى من بعدي من أجيال وطننا الحبيب ,بكل عشق و جنون , أولا في ثانوية محمد البقالي بآيت ملول , وثانيا بثانوية فيصل بن عبد العزيز بالدشيرة الجهادية .
فشكراجزيلا للفلسفة و الفلاسفة ..
لقد كانت لفظة " فلسفة" تستهويني منذ أن بدأت أعي بعضا من شروط وجودي كإنسان .. كانت تترك أثرا ساحرا في نفسي . كانت تدغدغ مشاعري , و تجتاح كل خلية من خلايا جسمي , و تأخذني إلى مجالها الرحب و الواسع حيث الأفكار تسبح و تتماوج في إيقاع موسيقي رائع .
كل هذا كان يحدث لي , و أنا فتى بدأ يتخطى عتبات الطفولة بخطى ثقيلة , و كأنها لا تريدني أن أغادر أرض الصخب و النزقية و المشاكسة . فمن منا يا سادة يا كرام لم يتذكر عهد الصبا ، ومن منا لم يترك العنان لماضويته أن تفرض عليه سلطتها و عنفها اللطيف , و من منا لم يقاوم ذلك الشعور النبيل الذي يجتاح كينونته ساعة الانحسار ؟؟؟
تأتي بعد لحظة عشق الفلسفة , لحظات سكونية , أتاحت للذات فرصة الاتحاد بالمطلق من خلال النص القرآني و الحديثي ،وتمثلهما ، وكأنها مسافرة اليوم ، قبل غدها ، إلى ملكوت الله . فعاشت لحظات عشق الصوفي الزاهد في هذه الحياة . لا شيء يكدر صفوعيشها . كانت تنعم برحيق رباني تحس به يسري كالدم في خلاياها .
و فجأة تشاء الأقدارالربانية أن يسافر عزيز على النفس من أهلي إلى دار البقاء ( الأم ) , وتختلط الأمور و تتشابك في عقلي . و أصبحت أطرح الأسئلة تلو الأسئلة على نفسي , و كان مرشدي الأول إلى طريق الإشكاليات و التفلسف كتاب : " تأملات ميتافيزيقية " لديكارت . فقد كان جائزة من بين الجوائز التي حظيت بها أختي الكبري في" ثانوية كشكاط " العظيمة , وما زلت أحتفظ به في مكتبتي إلى الآن .كان هذا الكتاب إلى جانب ثلة من أمهات الكتب الفلسفية التي قادتني طوعا إلى خيار التفلسف . ووجدتني أتصفحه ورقة ورقة , وألتهم أفكاره التهاما . كان ديكارت , بالنسبة لي , أكبر مفت في محراب التفلسف . فقد أتاح لي أن أعيد ترتيب أبجدياتي الوجودية من جديد . ما أعظم هذا الفيلسوف و ما أروع فلسفته . فقد كانت هذه الأخيرة ، تمثل لي تلك الأرض الصلبة التي تأسست بفعل اليقين الذي لم يعد يركن إليه شك ، لأنه بني على أساس قواعد منهجية صارمة . فأصبح كياني كله عينا مرتابة ، أو أذنا متصنتة تجيد فعل الاستماع إلى الهامشي قبل المركزي . فقررت ساعتها ، أن أكون ديكارت نفسي بامتياز .
لكن الأفكار تتجدد و تتغير باستمرار .. و تساءلت مع ديكارتي الكبير , الذي يسكنني , عن جدوى عقلانية صورية بدون محتوى مادي يعطي لها أسباب العيش في كياني لفترة طويلة .. فجاءت لحظة " دافيد هيوم " و " جان لوك " " و ستوارت ميل " و بعدها جاءت لحظة العقل النقدي الخالص و العقل الأخلاقي العملي الكانطيين , ليوجها معرفتي صوب الأسس المنهجية لحدوث معرفة ممكنة , فكانت طامتي الكبرى هي الإجابة العسيرة عن سؤال أعسر : كيف يمكنني أن أتجاوز فيلسوفي و أستاذي المفضل , الذي لقنني أبجديتي الفلسفية ؟
فكانت الإجابة نابعة من وحي عالمي الداخلي آتية من ديكارت نفسه يخبرني أن المسألة ليست معقدة , فطلب مني أن أعيد قراءة كتابه " قواعد في المنهج " فاهتديت ساعتها إلى اليقين .
فشيئا فشيئا بدأت أعي بأن الحواس لا تخدع , وأنها تشكل هي و الواقع الحسي الخارجي شرطا من شروط أية معرفة يقينية ممكنة . هنا أصبح فعل تجاوز أرض الكوجيطو مشروعا بالنسبة لي . فلو عاش ديكارت حتى زمن كانط لعدل من عقلانيته ,وأسس فلسفة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الواقع الموضوعي الماثل أمام الذات العارفة .
ومع مرور الوقت و مع الاحتكاك بالأساتذة , مبارك وساط , وفقي , واعزيز , عبد السلام بنعبد العالي , سالم يفوت , بنسالم حميش ,محمد عابد الجابري , محمد جسوس , ادريس بنسعيد , بوعسلة التباري , الداشمي , المختار الهراس , رحمة بورقية ... و أصدقاء الدرب الفلسفي , أصبح المفهوم الفلسفي النتشوي و الماركسي و السارتري و الهيدجدري و الفوكوي و البارطي و الفرويدي و الفيبري و البورديوي ... يتشكل بالتدريج و يحفر آباره العميقة في كل شبر من أرض صلبة متكلسة من روحي .
فهذا الوجد الفلسفي و هذه الشعلة المتأججة في أعمق أعماق كياني , وهذه اللوثة الجهنمية التي تجتاحني حين أصبح و أمسي , أنقلها الآن إلى من بعدي من أجيال وطننا الحبيب ,بكل عشق و جنون , أولا في ثانوية محمد البقالي بآيت ملول , وثانيا بثانوية فيصل بن عبد العزيز بالدشيرة الجهادية .
فشكراجزيلا للفلسفة و الفلاسفة ..
شكرا لأساتذة شعبة الفلسفة وعلم النفس و علم الاجتماع بكلية الآداب , جامعة
محمد الخامس بالرباط , بدون استثناء ..
شكرا لطارق جمال الإدريسي ..
فلولاه ..
لكان بوحي الفلسفي هذا .. تحت تأثير سلطة نرجسية قاتلة.
عن موقع مطر مطر مارس 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق