اقرأ .. !!!
اقرأ ، فبفعل القراءة أنت موجود ..
اقرأ، و ناج طائر أرتيابك .. مهجتك ، الآن ، بقدرة القراءة وحدها صارت جناحاه .. صفق بهما .. ولا تكترث بما تصادف من غربان قلمت أجنحة الفكر ، فسكنت سوادها و استكانت لليل سرمدي يلعق ما تبقى من ندى صباحها الباهت ..
اقرأ .. و لا تعبأ بنعيقها المخيف الذي
يعلن موت هذا الوجود .
اقرأ .. لكي ينتابك جنون العارفين بخبايا فراشة القلوب ، فترتاب في نفسك .. في زفراتك التي تجتاح قمم النفوس و سفوحها ..
اقرأ .. حتى تحس بأنك بلا مأوى يحميك من حر يقين مطلق ، و من قر سير الأجداد المجيدة ، فتبدد هذا الخراب الذي سكن دواخلك ..
اقرأ .. فالقراءة فعل جميل يطهر الإنسان، كل إنسان، من دنس الجهل و الأمية و الاغتراب اللعين..
اقرأ و انفض عن جسمك المفهومي غبار كل هذي السنين ..
اقرأ .. حتى تنجلي لك ممكنات هذا الوجود .. فأرض يقينياتك ، لو تدري ، هشة .. غادرها بسرعة دون ندم .. دون التفات إلى الوراء .. فالماضي حقل مليء بألغام ستصير جسدك أشلاء إن استكنت عند نقطة من نقطه .
اقرأ .. لترى ، دائما ، ك " زرادشت " ، فعل الكينونة ، من أعالي الجبال ، يسبق زفراتك .. يمتص رحيقها المر، كي يخرج من بطنها الألم و الاغتراب ..
اقرأ .. كي تصرخ نحلات أزهارك في وجه قمر رمادي بليد ، يستلذ بالتيهان في صحاري نجواك .. فرقصهن نهر ماؤه لم يفارق ، بعد ، التدفق و الانسياب .
اقرأ .. حتى لا تصاب يعسوب لغتك بعماء الصمت ، بالتهاب الفواصل ، فتهتز كلماتها و نقط حروفها .. و تغدو مجرد قطران أسود انطلى على أوراق الكراسات و الكتب .
اقرأ .. حتى تستطيع أن تعانق حريتك .. و تنفض عنك غبار العبودية.. فبالقراءة وحدها تستطيع أن تسترد حريتك من عبث اليومي و عبث المبتذل الذي تساق إليه من حيث تدري أو لا تدري ..
اقرأ .. لكي تكون قادرا على أخد معولك لهدم حقائقك الجوفاء و أوثانك الصدئة.. فبخمول الذهن قد تكون أو لا تكون .. لكن بالقراءة تكون .. و تكون ..
اقرأ عن تاريخك ، عن سير الأولين و الآخرين لتعيد أمجاد أجدادك ..
اقرأ عن أرضك ، التي لم تعد تنبت أزهار الطفولة ، لكي تنفخ فيها روح المحبة و التسامح وتزرع فيها بذور الدهشة ، حتى تستعيد خصوبتها و تصبح قادرة على إنجاب جيل العطاء .. فلا أحد من أهلك و ناسك ، هناك ، أصبح قادرا ، من فرط الخمول و الكسل ، على استعادة دهشة الأطفال عند رؤيتهم زرقة السماء و نور الشمس و ضياء القمر ..
اقرأ .. لكي تسابق بقراءتك الرياح و الضوء ، نحو غد قد يبدو بعيدا .. لكنه ، دون شك ، غد مرتقب . . في مدينة عشاق الحرف و الكلمة ، حط الرحال .. سترى ، هناك ، دررا مرمية ، أصبحت بفعل التقادم ، متآكلة و منسية .. سترى قبورا بلا شواهد ، لأسلاف رحلوا عنك ، بغتة ، دون إشارة وداع .. فقد كانت أرضهم ، بالأمس البعيد، أرض أحلام و مسرات ، تصغي لتغاريد الشحارير ، و الآن ، غذت أرض خراب و سراب .
اقرأ .. فقد تكون ، أنت ، نطفة بعث جديد، أو تكون بلسما لداء هذا الخرس الذي أصاب العقول .
اقرأ .. لتبحث في مرآة كينونتك عن وجوه تتقاطع مع بقايا ملامحك ، فتصير تلك المرآة عنوانا لمعاناة عشاق الحكمة، أو تطهيرا لمهجتك من صخب هذا الناقوس المزعج الذي يدق معلنا اقتراب ساعة الموت و الفناء..
اقرأ .. لتبدد هذه الظلال المكبلة ليدك، و المصفدة لقدميك، و القاذفة بك في قرارها السرمدي..
اقرأ ليغدو عالمك كهفا يشتاق لغاوون الشعراء ، و لوثة الحكماء . فإن كنت عاشقا للحكمة ، منصتا لها ، فأنا صوفياك ، حكيمة الحكماء ، اعشقني مثلما عشق قيس لبناه .. و جميل بثيناه ، وعنترة عبلاه .. و ابحث لك عن بصيص نور ، حتى لا تلتهم ظلال كهفك ما تبقى من زادك ، وانتظرني ، فأنا قادمة ، من أعالي الجبال لأفك عنك قيود شهواتك .. .. تأمل في وجهي الإشراقي ، فسترى في عيني الشمس تطرز بخيوطها الذهبية، هذا الخواء ليصير، من أجلك أيها القارئ الحكيم ، بهاء ..
المقال منشور بمجلة الكويت الكويتية تحت عدد 377 مارس 2015 جمادى الأولى 1436
اقرأ .. لكي ينتابك جنون العارفين بخبايا فراشة القلوب ، فترتاب في نفسك .. في زفراتك التي تجتاح قمم النفوس و سفوحها ..
اقرأ .. حتى تحس بأنك بلا مأوى يحميك من حر يقين مطلق ، و من قر سير الأجداد المجيدة ، فتبدد هذا الخراب الذي سكن دواخلك ..
اقرأ .. فالقراءة فعل جميل يطهر الإنسان، كل إنسان، من دنس الجهل و الأمية و الاغتراب اللعين..
اقرأ و انفض عن جسمك المفهومي غبار كل هذي السنين ..
اقرأ .. حتى تنجلي لك ممكنات هذا الوجود .. فأرض يقينياتك ، لو تدري ، هشة .. غادرها بسرعة دون ندم .. دون التفات إلى الوراء .. فالماضي حقل مليء بألغام ستصير جسدك أشلاء إن استكنت عند نقطة من نقطه .
اقرأ .. لترى ، دائما ، ك " زرادشت " ، فعل الكينونة ، من أعالي الجبال ، يسبق زفراتك .. يمتص رحيقها المر، كي يخرج من بطنها الألم و الاغتراب ..
اقرأ .. كي تصرخ نحلات أزهارك في وجه قمر رمادي بليد ، يستلذ بالتيهان في صحاري نجواك .. فرقصهن نهر ماؤه لم يفارق ، بعد ، التدفق و الانسياب .
اقرأ .. حتى لا تصاب يعسوب لغتك بعماء الصمت ، بالتهاب الفواصل ، فتهتز كلماتها و نقط حروفها .. و تغدو مجرد قطران أسود انطلى على أوراق الكراسات و الكتب .
اقرأ .. حتى تستطيع أن تعانق حريتك .. و تنفض عنك غبار العبودية.. فبالقراءة وحدها تستطيع أن تسترد حريتك من عبث اليومي و عبث المبتذل الذي تساق إليه من حيث تدري أو لا تدري ..
اقرأ .. لكي تكون قادرا على أخد معولك لهدم حقائقك الجوفاء و أوثانك الصدئة.. فبخمول الذهن قد تكون أو لا تكون .. لكن بالقراءة تكون .. و تكون ..
اقرأ عن تاريخك ، عن سير الأولين و الآخرين لتعيد أمجاد أجدادك ..
اقرأ عن أرضك ، التي لم تعد تنبت أزهار الطفولة ، لكي تنفخ فيها روح المحبة و التسامح وتزرع فيها بذور الدهشة ، حتى تستعيد خصوبتها و تصبح قادرة على إنجاب جيل العطاء .. فلا أحد من أهلك و ناسك ، هناك ، أصبح قادرا ، من فرط الخمول و الكسل ، على استعادة دهشة الأطفال عند رؤيتهم زرقة السماء و نور الشمس و ضياء القمر ..
اقرأ .. لكي تسابق بقراءتك الرياح و الضوء ، نحو غد قد يبدو بعيدا .. لكنه ، دون شك ، غد مرتقب . . في مدينة عشاق الحرف و الكلمة ، حط الرحال .. سترى ، هناك ، دررا مرمية ، أصبحت بفعل التقادم ، متآكلة و منسية .. سترى قبورا بلا شواهد ، لأسلاف رحلوا عنك ، بغتة ، دون إشارة وداع .. فقد كانت أرضهم ، بالأمس البعيد، أرض أحلام و مسرات ، تصغي لتغاريد الشحارير ، و الآن ، غذت أرض خراب و سراب .
اقرأ .. فقد تكون ، أنت ، نطفة بعث جديد، أو تكون بلسما لداء هذا الخرس الذي أصاب العقول .
اقرأ .. لتبحث في مرآة كينونتك عن وجوه تتقاطع مع بقايا ملامحك ، فتصير تلك المرآة عنوانا لمعاناة عشاق الحكمة، أو تطهيرا لمهجتك من صخب هذا الناقوس المزعج الذي يدق معلنا اقتراب ساعة الموت و الفناء..
اقرأ .. لتبدد هذه الظلال المكبلة ليدك، و المصفدة لقدميك، و القاذفة بك في قرارها السرمدي..
اقرأ ليغدو عالمك كهفا يشتاق لغاوون الشعراء ، و لوثة الحكماء . فإن كنت عاشقا للحكمة ، منصتا لها ، فأنا صوفياك ، حكيمة الحكماء ، اعشقني مثلما عشق قيس لبناه .. و جميل بثيناه ، وعنترة عبلاه .. و ابحث لك عن بصيص نور ، حتى لا تلتهم ظلال كهفك ما تبقى من زادك ، وانتظرني ، فأنا قادمة ، من أعالي الجبال لأفك عنك قيود شهواتك .. .. تأمل في وجهي الإشراقي ، فسترى في عيني الشمس تطرز بخيوطها الذهبية، هذا الخواء ليصير، من أجلك أيها القارئ الحكيم ، بهاء ..
المقال منشور بمجلة الكويت الكويتية تحت عدد 377 مارس 2015 جمادى الأولى 1436
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق